تعتبر مراجعة الأقران عنصرًا أساسيًا في العملية الأكاديمية، لتعزيز الشفافية والتنوع والمساءلة في عملية المراجعة. وتدور أهداف مراجعة النظراء حول ضمان الجودة والصلاحية والمعايير الأخلاقية في البحث، وتسهيل تقدم المعرفة، والحفاظ على مصداقية وموثوقية المنشورات العلمية. فما هي أهدافها ومميزاتها وعيوبها؟
ما هو تعريف مراجعة النظراء Peer Review؟
مراجعة النظراء Peer Review هي عملية تستخدم في النشر الأكاديمي والعلمي للتأكد من جودة وصحة المقالات البحثية قبل نشرها. ويتضمن ذلك تقديم مخطوطة إلى إحدى المجلات، حيث يتم تقييمها من قبل خبراء مستقلين في نفس المجال (أقرانهم) الذين يقيمون دقتها العلمية ومنهجيتها ومساهمتها في المعرفة الحالية.
وتساعد مراجعة النظراء على ضمان نزاهة ومصداقية البحث العلمي من خلال إخضاعه لتقييم صارم من قبل خبراء مستقلين. ولكن من المهم ملاحظة أن مراجعة النظراء ليست معصومة من الخطأ ولها حدودها. ولا يمكنها ضمان عدم وجود أخطاء أو سوء سلوك، ولكنها تهدف إلى تقليل احتمالية نشر الأبحاث المعيبة أو غير الموثوقة.
أهداف مراجعة الأقران
من الأهداف الرئيسية لمراجعة النظراء في سياق البحث الأكاديمي والعلمي ما يلي:
1. مراقبة الجودة
تهدف مراجعة النظراء إلى ضمان جودة ونزاهة المنشورات البحثية. من خلال إخضاع المخطوطات لتقييم صارم من قبل خبراء مستقلين، فإنه يساعد على تحديد وتصحيح الأخطاء أو العيوب أو عدم الدقة في تصميم البحث ومنهجيته وتحليله وتفسير النتائج.
2. التحقق
تلعب مراجعة النظراء دورًا حاسمًا في التحقق من صحة نتائج البحث والتحقق منها، حيث يقوم المراجعون بتقييم سلامة الدراسة، وتقييم الأدلة المقدمة، وتدقيق المنطق المنطقي وراء الاستنتاجات. لتأكيد صحة وموثوقية البحث، والمساهمة في مجموعة المعرفة في هذا المجال.
3. التحسين والتعزيز
توفر مراجعة النظراء ردود فعل بناءة للمؤلفين، مما يساعدهم على تحسين مخطوطاتهم. يقدم المراجعون اقتراحات، ويحددون نقاط الضعف، ويوصون بطرق لتحسين تصميم البحث أو منهجيته أو تحليله.
4. تحديد التحيز والاعتبارات الأخلاقية
تساعد مراجعة النظراء على اكتشاف التحيزات المحتملة أو المخاوف الأخلاقية في المخطوطات البحثية. يقوم المراجعون بتقييم ما إذا كان البحث يلتزم بالمبادئ التوجيهية الأخلاقية، مثل السلوك المسؤول للبحث، وحماية البشر، والتعامل المناسب مع البيانات. وهذا يضمن إجراء الأبحاث بشكل أخلاقي ومسؤول.
5. توسيع المعرفة وتقدمها
تساهم مراجعة النظراء في تقدم المعرفة العلمية. ومن خلال تصفية الأبحاث ذات الجودة الرديئة أو غير الموثوقة، فإنه يضمن نشر معلومات دقيقة وموثوقة. وتسهل هذه العملية التقدم العلمي، وتمكن من تطوير نظريات جديدة، وتسمح للباحثين بالبناء على المعرفة الموجودة.
6. المصداقية والثقة
تحظى المنشورات التي يراجعها النظراء بتقدير كبير لمصداقيتها وجدارة الثقة. ويساهم التقييم الشامل الذي يجريه خبراء مستقلون في غرس الثقة في صحة وموثوقية نتائج البحث. كما تساعد مراجعة النظراء على بناء الثقة في المجتمع العلمي وبين عامة الناس.
7. التغذية الراجعة والإرشاد
يمكن أن تكون مراجعة النظراء بمثابة آلية تغذية راجعة قيمة للمؤلفين، وخاصة الباحثين في بداية حياتهم المهنية. غالبًا ما يقدم المراجعون رؤى واقتراحات وإرشادات يمكن أن تساعد المؤلفين على تطوير مهاراتهم البحثية وتحسين عملهم المستقبلي.
مبادئ مراجعة الأقران في المشاريع التقنية
تتبع مراجعة النظراء في المشاريع الفنية عدة مبادئ أساسية لضمان جودة المشروع ودقته وفعاليته، ومنها:
1. الموضوعية
ينبغي إجراء مراجعة النظراء بموضوعية وحيادية. ويجب أن يركز المراجعون على تقييم الجوانب الفنية للمشروع، مثل التصميم والمنهجية والتنفيذ والنتائج، دون تحيز شخصي أو تضارب في المصالح.
2. الخبرة
يجب أن يمتلك المراجعون الخبرة والمعرفة ذات الصلة في المجال الفني المحدد للمشروع. ويجب أن يكون لديهم الخبرة والمؤهلات الكافية لتقييم العمل بشكل نقدي وتقديم تعليقات بناءة.
3. التعليقات البناءة
يجب أن تهدف مراجعة النظراء إلى تقديم تعليقات بناءة لتحسين جودة المشروع. ويجب على المراجعين تقديم اقتراحات محددة وقابلة للتنفيذ للتحسين، وتسليط الضوء على نقاط القوة والضعف في العمل.
4. السرية
يجب أن تحافظ عملية مراجعة النظراء على السرية. يجب على المراجعين احترام سرية المشروع وأي معلومات حساسة أو خاصة تتم مشاركتها أثناء المراجعة. ولا ينبغي لهم الكشف عن هذه المعلومات أو استخدامها لتحقيق مكاسب شخصية.
5. التوقيت المناسب
ينبغي إجراء مراجعة النظراء في الوقت المناسب لضمان تقدم المشروع بكفاءة. ويجب على المراجعين الالتزام بالمواعيد النهائية المتفق عليها لتقديم الملاحظات، وتمكين فريق المشروع من دمج الاقتراحات والمضي قدمًا.
6. الشفافية
يجب أن تكون عملية مراجعة النظراء شفافة بالنسبة لأصحاب المصلحة في المشروع. وينبغي تحديد أدوار ومسؤوليات المراجعين بوضوح، ويجب توثيق التعليقات والقرارات المتخذة أثناء المراجعة وإبلاغها بشكل فعال.
7. التحسين المستمر
مراجعة النظراء هي عملية متكررة. لذا يجب أن تتعلم فرق المشروع من التعليقات الواردة في عملية المراجعة واستخدامها لتعزيز عملهم. يجب على المراجعين أيضًا التفكير في ملاحظاتهم والسعي لتحسين مهارات المراجعة الخاصة بهم.
خطوات مراجعة الأقران
تتضمن عملية مراجعة النظراء عدة خطوات عامة، كما يلي:
1. تقديم المخطوطة
يقدم المؤلف مخطوطته البحثية إلى مجلة أو مؤتمر للنظر فيها. وتتضمن المخطوطة نتائج البحث والمنهجية والتحليل والاستنتاجات.
2. التقييم التحريري
يقوم رئيس التحرير أو فريق التحرير بمراجعة المخطوطة لتحديد مدى ملاءمتها للمجلة. مع الأخذ في الاعتبار بعض العوامل مثل أهمية الموضوع، والمواءمة مع نطاق المجلة، والالتزام بإرشادات التنسيق. أما إذا اعتبرت المخطوطة غير مناسبة، فيتم رفضها في هذه المرحلة دون الدخول في عملية مراجعة النظراء الكاملة.
3. تعيين المحكم
إذا اجتازت المخطوطة التقييم الأولي، يقوم المحرر بتعيين محكم واحد أو أكثر من الخبراء في هذا المجال. ويتم اختيار المراجعين بناءً على خبرتهم وتوافرهم لتقديم تقييم محايد ومستنير للمخطوطة.
4. مراجعة النظراء
يقوم المراجعون بتقييم المخطوطة بدقة، وفحص منهجيتها، وتحليل البيانات، وتفسير النتائج، والدقة العلمية الشاملة. وتقديم الملاحظات والاقتراحات والتعليقات لمساعدة المؤلفين على تحسين المخطوطة. وقد تتناول المراجعة جوانب مثل الوضوح والمنهجية وصحة النتائج والمساهمة في هذا المجال.
5. تقارير المراجعين
يقدم المراجعون تقارير المراجعة الخاصة بهم إلى المحرر، والتي تتضمن توصية عامة وتعليقات مفصلة تتناول أقسامًا محددة من المخطوطة. ويجب أن تكون تقارير المراجعين بناءة وموضوعية وتوفر تعليقات قابلة للتنفيذ للمؤلفين.
6. مراجعات المؤلف
بناءً على تعليقات المراجعين، يقوم المؤلفون بمراجعة مخطوطتهم، ومعالجة التعليقات، وتوضيح أو تعديل أبحاثهم حسب الضرورة، وتقديم رد على تعليق كل مراجع. ثم يتم إعادة تقديم المخطوطة المنقحة إلى المحرر.
7. قرار المحرر
يقوم المحرر بتقييم المخطوطة المنقحة وردود المؤلفين، مع الأخذ في الاعتبار ملاحظات المراجعين. ثم يتخذ المحرر قرارًا بشأن القبول أو الرفض أو الحاجة إلى مزيد من المراجعات. وقد يطلب المحرر مراجعات إضافية أو يتشاور مع المحررين المشاركين أو هيئة التحرير قبل اتخاذ القرار النهائي.
8. نشر المخطوطة
في حالة قبول المخطوطة، يتم إخطار المؤلفين، وتخضع المخطوطة لعملية النشر، والتي قد تشمل التحرير والتنسيق والتدقيق اللغوي. ثم يتم نشر النسخة النهائية في المجلة أو تقديمها في مؤتمر.
أنواع مراجعة الأقران
هناك عدة أنواع من مراجعة النظراء التي يمكن استخدامها في تقييم المخطوطات البحثية، ومن أهم أمثلة مراجعة الأقران ما يلي:
1. مراجعة النظراء أحادية التعمية (Single-Blind Peer Review)
في مراجعة النظراء أحادية التعمية، يتم إخفاء هويات المراجعين عن المؤلفين، لكن المراجعين على علم بهويات المؤلفين. مما يُتيح ذلك للمراجعين تقديم تقييمات غير متحيزة مع الحفاظ على سرية هوية المؤلفين.
2. مراجعة النظراء مزدوجة التعمية (Double-Blind Peer Review)
في مراجعة النظراء مزدوجة التعمية، يتم الحفاظ على سرية هوية المراجعين والمؤلفين. ويهدف ذلك إلى تقليل التحيزات المحتملة بناءً على سمعة المؤلفين أو انتماءاتهم أو أعمالهم السابقة. وتُستخدم مراجعة النظراء مزدوجة التعمية في المجالات التي يعتبر فيها إخفاء الهوية أمرًا مهمًا، مثل العلوم الاجتماعية أو العلوم الإنسانية.
3. مراجعة النظراء المفتوحة (Open Peer Review)
تتضمن مراجعة النظراء المفتوحة الكشف عن هويات المراجعين للمؤلفين وإتاحة المراجعات للجمهور. ويهدف هذا النهج إلى زيادة الشفافية والمساءلة في عملية مراجعة النظراء. فهو يسمح بإجراء حوار أكثر انفتاحًا بين المراجعين والمؤلفين ويعزز المزيد من الثقة في عملية المراجعة.
4. مراجعة النظراء بعد النشر (Post-Publication Peer Review)
تتم مراجعة النظراء بعد نشر مقال بحثي. ويتضمن التقييم والتعليقات من المجتمع العلمي، إما من خلال التعليقات أو المناقشات عبر الإنترنت أو المراجعات الرسمية. مما يسمح من مراجعة النظراء بالتقييم المستمر ومناقشة نتائج الأبحاث.
5. مراجعة النظراء التعاونية (Collaborative Peer Review)
يشارك العديد من المراجعين في عملية التقييم في مراجعة النظراء التعاونية، ويهدف هذا النهج إلى الاستفادة من الخبرات الجماعية ووجهات نظر المراجعين المتعددين لتقديم تقييم شامل للمخطوطة. ويمكن أن تتضمن مراجعة النظراء التعاونية مراجعة متزامنة أو تسلسلية من قبل عدة مراجعين.
6. مراجعة النظراء الشفافة (Transparent Peer review)
مراجعة النظراء الشفافة هي عملية في النشر الأكاديمي حيث تكون عملية مراجعة النظراء ونتائجها مفتوحة ومتاحة للجمهور. ويتضمن الكشف عن هويات المراجعين، ونشر تعليقات المراجعين إلى جانب المقالة المنشورة، وتوفير منصة للمناقشة العامة وردود الفعل حول عملية المراجعة. وتهدف مراجعة النظراء الشفافة إلى تعزيز المساءلة وزيادة الشفافية وتعزيز الثقة في عملية مراجعة النظراء.
مميزات مراجعة الأقران
هناك العديد من المزايا لمراجعة الأقران، منها:
1. ضمان الجودة
تساعد مراجعة النظراء على ضمان جودة ونزاهة المنشورات البحثية. ومن خلال تقييم الخبراء المستقلين، يمكن تحديد الأخطاء أو التحيزات أو عدم الدقة وتصحيحها، مما يعزز الجودة الشاملة للبحث.
2. التحقق
توفر مراجعة النظراء تقييمًا نقديًا لنتائج البحث، حيث يقوم المراجعون بتقييم سلامة تصميم الدراسة والمنهجية وتحليل البيانات وتفسير النتائج. وتساعد هذه العملية في التحقق من صحة البحث وتأكيد موثوقيته والمساهمة في مجموعة المعرفة في هذا المجال.
3. تحسين المخطوطات
إن التعليقات المقدمة من المراجعين النظراء لا تقدر بثمن بالنسبة للمؤلفين. كما يقدم المراجعون انتقادات بناءة، ويحددون نقاط الضعف المحتملة، ويقترحون التحسينات أو الأساليب البديلة. ويمكن للمؤلفين تحسين عملهم بناءً على هذه التوصيات، مما يؤدي إلى نتائج بحثية أقوى وأكثر قوة.
4. الاعتبارات الأخلاقية
تساعد مراجعة النظراء في دعم المعايير الأخلاقية في البحث. ويقوم المراجعون بتقييم ما إذا كان البحث يلتزم بالمبادئ التوجيهية الأخلاقية فيما يتعلق برفاهية الأشخاص، وسلامة البيانات، والتضارب المحتمل في المصالح. وهذا يضمن إجراء البحوث بطريقة أخلاقية ومسؤولة.
5. المصداقية والثقة
تعتبر المنشورات التي يراجعها النظراء بشكل عام أكثر مصداقية وجديرة بالثقة من قبل المجتمع العلمي والجمهور، مما يعزز الثقة في المؤسسة العلمية.
عيوب مراجعة الأقران
بالرغم من المزايا العديدة لمراجعة النظراء، إلا أنها قد تواجه بعض العيوب والتحديات، منها:
1. عملية تستغرق وقتًا طويلًا
يمكن أن تكون مراجعة النظراء عملية تستغرق وقتًا طويلًا. يمكن أن يختلف الوقت المستغرق من تقديم المخطوطة إلى النشر بشكل كبير، اعتمادًا على عدد المراجعات المطلوبة ومدى توفر المراجعين. مما قد يؤخر نشر نتائج البحوث.
2. احتمالية التحيز
مراجعة النظراء هي عملية ذاتية تعتمد على خبرة المراجعين وحكمهم. هناك احتمال للتحيز، سواء الواعي أو غير الواعي، للتأثير على تقييم المراجع. قد يؤدي هذا إلى تحيزات محتملة ضد موضوعات أو منهجيات أو وجهات نظر بحثية معينة.
3. عدم الاتساق والتباين
يمكن أن تكون مراجعة النظراء غير متسقة ومتغيرة، حيث قد يكون للمراجعين المختلفين آراء وتفسيرات مختلفة لنفس المخطوطة. مما يؤدي إلى اختلافات في ردود الفعل وصنع القرار، وقد يؤثر على النتيجة بالنسبة للمؤلفين.
4. عدم إمكانية التكرار
تركز مراجعة النظراء على تقييم المخطوطة بدلاً من تكرار البحث. في بعض الحالات، قد لا يتمكن المراجعون من الوصول إلى البيانات الأولية أو الموارد لتكرار الدراسة. مما يحد من القدرة على تقييم إمكانية تكرار نتائج البحوث.
5. نطاق محدود للأبحاث المبتكرة أو المثيرة للجدل
يمكن أن تكون مراجعة النظراء متحفظة، وتفضل المنهجيات والأفكار الراسخة. وقد تواجه الأبحاث المبتكرة أو المثيرة للجدل تحديات في عملية مراجعة النظراء، حيث قد يكون المراجعون أكثر ميلاً إلى تفضيل الأساليب والأفكار التقليدية.
6. احتمالية تحيز المراجع أو مشكلات الكفاءة
بسبب تحيز المراجعين أو تضارب المصالح أو خبراتهم المحدودة إلى عملية التقييم. يمكن أن يؤثر ذلك على موضوعية وعدالة المراجعة، مما قد يؤدي إلى قرارات متحيزة أو ضياع فرص التحسين.
وأخيرًا، من المهم ملاحظة أن مراجعة النظراء تعد من الأمور الحاسمة في نشر الأبحاث، إلا أنها ليست معصومة من الخطأ، حيث تعتمد على خبرة المراجعين وحكمهم الشخصي، ولا يزال من الممكن حدوث تحيزات أو أخطاء. ومع ذلك، فإنه يظل عنصرًا أساسيًا في العملية العلمية، حيث يساهم في نمو وسلامة المعرفة الأكاديمية والعلمية.
تعلم إدارة المشاريع الإلكترونية بشهادات معتمدة مع بكه:
يمكنك التدريب تحديد أهداف المشروع الإلكتروني وإعداد خطة المشروع التفصيلية مع تحديد المهام والجدول الزمني والموارد المطلوبة وتحديد المخاطر المحتملة، من خلال الانضمام للدورات المتوفرة على منصة بكة، منها: