دراسة الجدوى المالية وعناصرها ومراحلها وأهدافها وأهمية عملها

تتطلع الكثير من الشركات إلى إطلاق المشروعات التي تساعد على تحسين جودة المنتجات أو الخدمات التي تقدمها، وذلك من أجل تعزيز رضا عملائها والبقاء في صدارة السوق التنافسي، وفي حال الاستقرار على إطلاق مشروع ما؛ فلا بد من إعداد دراسة جدوى مالية لمعرفة ما إذا كان المشروع قابلاً للاستمرار أم لا، وفي هذا المقال نوضح ما هي دراسة الجدوى المالية وعناصرها ومراحلها وأهدافها وأهميتها والنتائج المتوقعة منها.

دراسة الجدوى المالية:

دراسة الجدوى المالية هي الدراسات أو التقارير التي تعدها الشركات من أجل تقييم الجدوى الاقتصادية لمشروع أو خطة مُقترحة ومعرفة مدى قدرته على تحقيق الأهداف المالية الأخرى، وتُعد هذه الدراسة بمثابة جزءًا أساسيًا من التخطيط الأولي للمشروع، فمن خلالها يتم حساب تكاليف المشروع والإيرادات المتوقعة، ثم تحديد ما إذا كانت تلك الإيرادات تغطي التكاليف ويمكنها تحديد عائد لائق بحجم المشروع المُقترح.

وتتأثر الجدوى المالية للمشروع بعدة عوامل أبرزها حجم المشروع والقدرة المالية للشركة وظروف السوق، وتُظهر هذه الدراسة التحديات المالية التي قد تتغلب الشركة على بعضها ولا تستطيع تجاوز بعضها الآخر، وهو ما يؤثر على قرارها بالمضي قدمًا في المشروع.

وعند إعداد دراسة الجدوى؛ لا بد من مراعاة العوامل قصيرة الأجل وهي التكاليف المطلوبة في الوقت الحالي، والعوامل طويلة الأجل وهي مقدار التكاليف التي سوف تحتاجها الشركة للاستمرار في المشروع على مدى فترة زمنية معينة.

ويمكن إعداد دراسة الجدوى المالية وتقديمها في شكل نموذج جدول بيانات أو تقرير مكتوب أو عرض تقديمي، ولكن من الأفضل تقديمها في نموذج جدول بيانات لأنه يوضح الحسابات التفصيلية التي تم إجراؤها في هذا التحليل.

عناصر دراسة الجدوى المالية:

تتكون دراسة الجدوى المالية من مجموعة من العناصر التي تساعد على تحديد مدى الفوائد الاقتصادية للمشروع، وإليكم فيما يلي مكونات دراسة الجدوى المالية:

تحليل السوق

يُعد تحليل السوق من أهم عناصر دراسة الجدوى المالية، إذ يتم إجراء تحليلًا شاملًا للسوق من أجل تحديد العملاء المستهدفين وفهم قوتهم الشرائية واحتياجاتهم، ومدى قدرة المنتجات أو الخدمات على تلبية تلك الاحتياجات.

كما ينطوي تحليل السوق على التعرف على المشهد التنافسي وتحديد مدى احتياج السوق للمنتجات أو الخدمات المُقرر إطلاقها، والتحديات المُحتملة.

تكاليف بدء التشغيل

تتمثل تكاليف بدء تشغيل المشروع في التكاليف الأولية المطلوبة للبدء في تنفيذ المشروع، وهي تشمل تكاليف الإنتاج ونفقات المعدات والتصاريح والتراخيص ورواتب الموظفين وتكلفة التسويق والرسوم القانونية.

كما تشتمل تكاليف بدء التشغيل على تقييم جدوى تأمين التمويل أو خيارات التمويل والتي تغطي تلك التكاليف المطلوبة.

ومن خلال تقدير تلك التكاليف بدقة، يمكن تقييم الجدوى المالية للمشروع، وبالتالي يحدد صانعو القرار الأرباح المتوقعة للمشروع.

الإيرادات المتوقعة

هناك عدة عوامل تؤخذ في الاعتبار عند تحديد الإيرادات المتوقعة من المشروع، وهي طلب وحجم السوق وتوقعات المبيعات واستراتيجيات التسعير وفرص النمو المحتملة، وبتحديد تلك العوامل تتعرف الشركة على مدى قدرة المنتج على تحقيق إيرادات كافية لتغطية التكاليف وتحقيق الأرباح.

ويتضمن هذا العنصر إجراء تحليلًا لمعرفة مدى تأثير مختلف سيناريوهات الإيرادات على الجدوى المالية العامة.

النفقات والتكاليف التشغيلية

يتم تحديد النفقات والتكاليف التشغيلية المطلوبة لتنفيذ المشروع، وهي تشمل تكاليف الإيجار والمرافق والمخزون والصيانة، ويتضمن هذا العنصر تقييمًا لمدى توافر تلك التكاليف من أجل تعزيز الجدوى المالية.

الأرباح والتدفق النقدي

يحتوي هذا المكون على تقييم لأرباح المشروع وفقًا للإيرادات والمصروفات والتكاليف العامة، إذ تتم مقارنة الإيرادات المتوقعة بالتكاليف والنفقات، ويتم تحليل توقعات التدفقات النقدية لضمان وجود موارد مالية تغطي نفقات المشروع وتساعد على استمرار عملياته.

ومن خلال تقييم الأرباح والتدفق النقدي للمشروع، يحدد المستثمر مدى جدوى الاستثمار في المشروع وما إذا كان يتوافق مع أهدافه المالية.

ويتم تقييم أرباح المشروع باستخدام النسب والمقاييس المالية، مثل عائد الاستثمار وهامش الربح الإجمالي للمشروع.

خيارات التمويل

يتضمن هذا العنصر استكشاف مختلف مصادر التمويل، إذ يتم تحديد مصدر تمويل المشروع سواء كان رأس المال الاستثماري أو التمويل الجماعي أو القروض المصرفية، ومن ثم اختيار أفضل مصدر للتمويل بما يتوافق مع الأهداف المالية ويقلل من المخاطر المحتملة، مع تقييم توافر تلك الخيارات.

تحديد المخاطر

ينطوي هذا العنصر على تحديد المخاطر التي قد تؤثر على الأداء المالي للمشروع، مثل المخاطر التشغيلية والتغيرات التنظيمية وتقلبات السوق، ومن ثم الاستعداد لها من خلال وضع الاستراتيجيات التي تساعد على التخفيف منها أو التقليل من أضرارها إلى أدنى حد ممكن.

مراحل دراسة الجدوى المالية:

عند إعداد دراسة الجدوى المالية، لا بد من القيام بمجموعة من الخطوات المُرتبة لتنفيذ الدراسة بشكل صحيح، وإليكم فيما يلي مراحل إعداد دراسة الجدوى المالية:

1- تحديد تكلفة بدء التشغيل

أولى خطوات إعداد الجدوى المالية للمشروع هي تحديد التكاليف المطلوبة للبدء في تشغيل المشروع، وهي تكاليف شراء المباني والأراضي المُقرر إقامة المشروع عليها، وتكاليف شراء المعدات والتصاريح والتراخيص وتكلفة المشتريات الأولية من المواد وأجور الموظفين وبحوث التسويق، وغيرها.

2- جمع بيانات التدفق النقدي

بعد تحديد التكاليف الأولية للتشغيل، لا بد من جمع البيانات الخاصة بالتدفق النقدي وتوقعات الأرباح، إذ يتم حساب جميع النفقات التي يتطلبها المشروع والإيرادات المتوقع تحقيقها، مع مراعاة أن تكون توقعات التدفق النقدي واقعية.

3- تقييم مصادر التمويل

في هذه الخطوة، لا بد من تقييم المصادر التمويل المتاحة للمشروع، مع مراعاة تكلفة رأس المال وشروط سداد قيمة التمويل، ومدى تأثير ذلك على الجدوى المالية للمشروع.

4- حساب العائد على الاستثمار

من أجل تحديد أرباح المشروع؛ لا بد من حساب العائد على الاستثمار، فمن خلال هذه الخطوة يمكن معرفة الوقت الذي يستغرقه استرداد الاستثمار الأولي.

5- إجراء تقييم المخاطر

بعد ذلك، يتم تحديد المخاطر المُحتملة التي تشكل تهديدًا للمشروع، وتقييم تأثيرها على جدواه المالية، ووضع الاستراتيجيات التي تخفف منها.

6- تقييم مرونة المشروع

يتم تقييم مرونة المشروع من خلال إجراء تحليل الحساسية الذي يوضح التغيرات الرئيسية التي قد يتأثر بها المشروع مثل التسعير والتكاليف وحجم المبيعات، من أجل معرفة مدى قدرة المشروع على تحمل تلك التغيرات.

7- وضع الصيغة النهائية في تقرير الجدوى

وهي آخر خطوات إعداد دراسة الجدوى المالية، إذ يتم إعداد تقريرًا يتضمن نتائج التحليل المُجمعة، وختامه بوضع توصيات لصناع القرار.

أهداف دراسة الجدوى المالية:

من خلال تحليل الجدوى المالية للمشروع، يمكن تحقيق مجموعة من الأهداف وهي:

• مقارنة المشروع بالموارد المالية المتاحة من أجل التحقق من جدواه الاقتصادية.
• إصدار تقريرًا يستخدمه صناع القرار في الشركة كمرجع لاتخاذ القرارات المستنيرة التي تساعد على تحقيق الأهداف المالية العامة.
• تحديد مدى قدرة الشركة على الاستمرار في تنفيذ المشروع على المدى البعيد دون التعرض لخسائر أو لمخاطر الإفلاس.
• تقييم المخاطر المُحتملة للمشروع وتحديد أثرها ووضع الاستراتيجيات التي تقلل من نتائجها السلبية.
• الحصول على رؤى قيمة حول العائد المحتمل على الاستثمار في المشروع، من أجل اتخاذ قرارًا بشأن الاستمرار في المشروع أو إلغاء فكرته.

أهمية إعداد دراسة جدوى مالية:

تُعد دراسة الجدوى المالية من أهم عناصر نجاح أي مشروع، إذ تحتاج الشركات إلى إعدادها لأنها تحقق العديد من الفوائد، وإليكم فوائد كتابة دراسة الجدوى:

1- التخصيص الأمثل للموارد

من خلال إعداد دراسة الجدوى المالية للمشروع، تتمكن الشركات من تخصيص مواردها للمشروع على النحو الأمثل، إذ ينظر صناع القرار في محتوى هذه الدراسة من المتطلبات المالية والعائدات المحتملة للمشروع، ومن ثم يمكنهم تخصيص الموارد المالية والمادية والبشرية بطريقة تقلل من الهدر وتعزز من أرباح المشروع.

2- تقليل المخاطر

تلعب دراسة الجدوى المالية دورًا بارزًا في تقليل المخاطر المُحتملة التي قد تؤثر على الفوائد المالية للمشروع، لأنها تسلط الضوء على تلك المخاطر، وترشد إلى الإجراءات التي تساعد على التخفيف منها.

3- اتخاذ قرارات مستنيرة

عند إعداد دراسة جدوى مالية للمشروع، يحصل صناع القرار على رؤى قيمة تمكنهم من اتخاذ أفضل القرارات بناءً على البيانات في الدراسة، وبالتالي يقررون مواصلة الاستثمار في المشروع أو التخلي عنه.

4- جذب المستثمرين

يُعد إعداد دراسة الجدوى المالية أمرًا مهمًا للشركات الساعية للحصول على تمويل خارجي، إذ توضح هذه الدراسة أن المشروع دُرس جيدًا ويمكن تمويله لأنه قادرًا على تحقيق الأرباح المطلوبة، وهو ما يساعد في النهاية على تعزيز ثقة المستثمرين وجذبهم وزيادة إقبالهم على تمويل المشاريع.

5- تحديد فرص تجارية جديدة

يساعد إعداد دراسة الجدوى المالية على اكتشاف فرص تجارية جديدة، فقد تسلط الضوء على مشاريع مبتكرة أو أسواق لم تُستغل بعد تساهم في تحقيق أرباح كبيرة، ويتم الكشف عن تلك الفرص من خلال التحليل المقارن الذي تتضمنه الدراسة.

6- مواءمة الأهداف

تتضمن دراسة الجدوى المالية تقييم جدوى المشروع اقتصاديًا، وبالتالي يتأكد صناع القرار من توافق أهداف المشروع  مع الأهداف والغايات المالية للشركة.

7- التنبؤ بالإيرادات

من خلال دراسة الجدوى المالية للمشروع يمكن التنبؤ بإيراداته، إذ يستعين صناع القرار بمحتوى هذه الدراسة وهو تحليل السوق واستراتيجيات التسعير وتوقعات المبيعات، في وضع توقعات واقعية للإيرادات، والتي تُعد أساسًا للتخطيط المالي للمشروع.

8- تقييم البدائل

تتيح دراسة الجدوى المالية إجراء مقارنة بين الأداء المالي للمشروع ومخاطره وعوائده، وهو ما يمكن صناع القرار من تقييم مختلف البدائل واختيار البديل الأعلى جدوى واحتمالية للنجاح.

9- تجنب الخسائر المحتملة

يفيد إعداد دراسة جدوى مالية للمشروع في تجنب وقوع خسائر ناتجة عن الاستثمار في المشروع المُقترح، لأنها تحدد آثاره المالية بشكل مسبق، وبالتالي لا تستثمر الشركات في المشاريع عديمة الجدوى.

النتائج المتوقعة من دراسات الجدوى المالية:

تشمل النتائج المتوقع تحقيقها من إجراء دراسات الجدوى المالية للمشاريع ما يلي:

• معرفة حجم الأرباح المتوقع تحقيقها ومقارنتها بتكاليف الاستثمار في المشروع المُقترح.
• تحديد مصدر تمويل المشروع وتوقيت جني الأرباح لاسترداد رأس المال المُستثمر.
• جدولة تكاليف الاستثمار في المشروع في مختلف مراحله وحتى الانتهاء منه.
• تحديد دور التكاليف المطلوبة للاستثمار في المشروع.
• تساهم دراسات الجدوى المالية في في تحسين أنشطة الشركة في تنفيذ المشروع بناءً على المؤشرات المالية التي توفرها.

تعلم إدارة المشاريع بشهادات ودورات احترافية معتمدة: 

تساعدك الدورات التدريبية على اكتساب معرفة عميقة والإلمام بأحدث الممارسات والأدوات والاستراتيجيات وتعلم أهم المهارات بمجال إدارة المشاريع للاحتراف فيه، وتقدم لك بكه العديد من دورات إدارة المشاريع المعتمدة دوليًا والتي تشمل ما يلي:

• دورة إدارة المحافظ MoP
• دورة إدارة البرامج والمحافظ P3O
• دورة إدارة البرامج MSP
• دورة إدارة التغيير المرن AgileShift
• دورة PRINCE2
• دورة PRINCE2 Agile
• دورة PMI-SP إدارة جدولة المشاريع
• دورة إدارة المخاطر MoR
• دورة PMP لادارة المشاريع
• دورة إدارة المخاطر RMP
• دورة MS PROJECT
• دورة شهادة CAPM

الخاتمة:

دراسة الجدوى المالية هي خطوة أساسية وحيوية قبل أي مشروع، حيث تساعد الشركات على تقييم الجدوى الاقتصادية للمشاريع المقترحة. تشمل هذه الدراسة عدة عناصر مثل تحليل السوق، وتكاليف التشغيل الأولية، والإيرادات المتوقعة، والنفقات التشغيلية، وتقديرات الربحية، وخيارات التمويل، وتحديد المخاطر، والتوقعات المالية.

من خلال إجراء دراسة الجدوى المالية، يمكن للشركات اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن استمرار المشروع أو إنهائه بناءً على رؤى مالية دقيقة واستراتيجيات إدارة المخاطر. تساهم هذه العملية في تحسين توزيع الموارد، وتقليل الخسائر المحتملة، وجذب المستثمرين، ومواءمة أهداف المشروع مع الأهداف المالية العامة.

وفي الختام، يتعين على الشركات التي تسعى للبقاء في صدارة المشهد التنافسي إيلاء الاهتمام بإعداد دراسة الجدوى المالية لأي مشروع مُقترح نظرًا لما توفره من استقرار مالي، وبالتالي تضمن نجاحه على المدى البعيد.