"ياخي، أقدر أترك شغلي الثابت في كتابة المحتوى وأخش في سالفة إدارة المشاريع؟" هذا السؤال الذي ظل يتردد في ذهني لشهور متطاولة، يملؤني بالقلق تارة وبالحماسة تارة أخرى.
أنا خالد، اعتبرني صديقك الافتراضي اللي يبغي يفيدك.
لكن في زاوية من زوايا نفسي، كان ثمة شغف آخر يتنامى رويدا رويدا، شغف بتنظيم الأفكار وقيادة الفرق وتحقيق الأهداف، شغف بإدارة المشاريع يدفعني للخروج من منطقة الراحة. أريد المجالين معًا، كتابة المحتوى مع إدارة المشاريع.
اطمئن، لستُ أنتوي إهدار وقتك بإخبارك بتفاصيل حكايتي، بل أعتزم مشاركتك نصائح أحسب أنها ستكون نافعة لك إن شاء الله. أود أن أريك أن التغيير ليس نهاية العالم، بل قد يكون بداية فصلٍ جديدٍ في حياتك، فصل يمكن أن يكون أكثر إشراقًا ونجاحًا مما تتخيل… شريطة أن تدخل هذا الفصل بخطوات مدروسة محسوبة العواقب!
الخروج من منطقة الراحة والاصطدام بمخاوف البدايات
في زحام الحياة ومتطلباتها، غالبًا ما يجد المرء نفسه في دوامة من التساؤلات حول المسار المهني.
- هل أنا حقًا في المكان الذي أنتمي إليه؟
- هل هذا ما أطمح إليه حقًا؟
- هل يمكنني أن أحقق ذاتي بشكل أفضل في مجال آخر؟
- هل يمكنني حقًا ترك وظيفتي المستقرة؟
- هل أملك المؤهلات والمهارات اللازمة؟
- هل سأكون قادرًا على تحمل المسؤولية الجديدة؟
- هل سأندم على هذا القرار؟
هذه الأسئلة كانت تدور في ذهني لفترة طويلة، تمامًا كما تدور في ذهنك الآن. لاحت تلك الأسئلة أمامي كالجبال، تهدد بإحباط عزيمتي وتحطيم أحلامي.
إن قرار تغيير المسار الوظيفي ليس بالأمر السهل، فهو قرار مصيري يتطلب التحلي بنصيب لا بأس به من الشجاعة والإصرار والعزيمة. فمن الطبيعي أن يساورك الخوف والقلق وتتخبطك الحيرة، خاصة عندما يتعلق الأمر بترك وظيفة مستقرة والبدء من الصفر في مجال جديد.
رأيتها مخاوف مشروعة ولكن…
هي حقًا مخاوفٌ طبيعيةٌ، مخاوفٌ تراود كل شخصٍ يفكر في تغيير مساره المهني. مخاوفٌ قد تكون مبررةً في بعض الأحيان، لكنها لا ينبغي أن تحول دون تحقيق أحلامك وطموحاتك. مخاوفٌ يجب أن تواجهها، لا أن تفر منها.
وإليك أبرز الهواجس التي راودتني وتراود كل شخص جال بخاطره فكرة تغيير المسار الوظيفي، مع اقتراحات بحلول لها:
1. هاجس الأمان الوظيفي
في تلك الفترة سيراودك أول سؤال مقلق: "أتوقع أحصل على شغل جديد بنفس الراتب والمميزات؟ أقدر أنافس بالسوق؟".
هواجس طبيعية في تلك المرحلة، لكن الاستقرار الحقيقي يكمن في تطوير مهاراتك وقدراتك باستمرار، وليس في التمسك بوظيفة واحدة مدى الحياة، وما يدريك إن كانت الوظيفة ستتمسك بك لمجرد أنك متمسك بها!
2. القلق المالي
الالتزامات المالية، وما أدراك ما الالتزامات المالية، مثل القروض والإيجار ومصاريف المعيشة. وتُسائل نفسك: "كِيف بقدر أصرف على نفسي لين ألقى شغل جديد؟".
لعل هذا أهم سؤال، وبالفعل يجب أن تحسب له حساب، والحل يكون في ادخار مبلغ يكفي لفترة انتقالية أو أن تتدبر سبلا مؤقتة لإدرار دخل ولو بسيط في تلك الفترة الانتقالية.
لا ينبغي أن تتهور وتترك وظيفتك من دون تأمين نفسك إلى أن تجد عملا في وظيفة جديدة.
3. فجوة المهارات
قد تعتقد أنك تفتقر إلى المهارات والخبرات اللازمة للنجاح في المجال الجديد. قد تتساءل: "بقدر أتعلم الشغلات الجديدة بسرعة؟ بقدر أثبت نفسي؟"
دائمًا هناك فرصة للتعلم والتطور، عليك بالاطلاع العام على المقالات أولًا وقراء الكتب والتطوع وحضور ندوات وورش عمل.
وبوسعك استغلال الدورات التدريبية ذات المناهج المنظمة والتي تأخذك من مرحلة إلى التي تليها بترتيب مفيد.
في إدارة المشاريع مثلًا يمكنك أن تبدأ بدورات المستوى المبتدئ، حيث أنها تقدم أساسًا متينًا في المفاهيم والمهارات الأساسية اللازمة للنجاح في هذا المجال، وإليك نبذة عن كيفية إسهام كل دورة في إرساء هذا الأساس:
- شهادة CAPM®: تقدم هذه الشهادة نظرة عامة شاملة على مبادئ إدارة المشاريع وأفضل الممارسات، مما يجعلها مثالية للمبتدئين الذين يرغبون في فهم شامل للمجال.
- دورة Microsoft Project: تعلم هذه الدورة كيفية استخدام أداة أساسية في إدارة المشاريع، مما يوفر للمبتدئين مهارات عملية يمكن تطبيقها مباشرة في بيئة العمل.
- شهادة PMI-ACP®: تقدم هذه الشهادة مقدمة لمنهجية Agile، وهي منهجية إدارة مشاريع حديثة وشائعة الاستخدام. تعلم هذه المنهجية يمنح المبتدئين ميزة تنافسية في سوق العمل.
- شهادة MoR® التأسيسية: تساعد هذه الشهادة المبتدئين على فهم أهمية إدارة المخاطر في المشاريع، وتعلمهم كيفية تحديد وتقييم وإدارة المخاطر المحتملة.
- دورة PMI-RMP®: تبني هذه الدورة على شهادة MoR® التأسيسية، وتقدم فهمًا أعمق لإدارة المخاطر، بما في ذلك كيفية تطوير وتنفيذ خطط إدارة المخاطر.
وهكذا، عبر تلك الدورات سيكتسب المبتدئون فهمًا قويًا لمبادئ إدارة المشاريع، ومهارات عملية في استخدام الأدوات والتقنيات الأساسية، ومعرفة بمنهجيات إدارة المشاريع الحديثة، وقدرات في إدارة المخاطر. هذا الأساس القوي سيمكنهم من سد فجوة المهارات والبدء في مسيرتهم المهنية في إدارة المشاريع بثقة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد هذه الدورات المبتدئين في تحديد مجال تخصصهم في إدارة المشاريع. على سبيل المثال، إذا وجدوا أنهم يستمتعون بإدارة المخاطر، فقد يختارون التخصص في هذا المجال.
4. عامل السن
قد تشعر بأنك قد كبرتَ على البدء من جديد، وأنك لم تعد تمتلك الطاقة أو الحماس لمواجهة تحدياتٍ جديدة. لكن تذكر أن العمر مجرد رقم، وأنك لستَ أبدًا كبيرًا على التعلم والتطور. بل إن تجاربك الحياتية والمهنية السابقة قد تكون مصدرًا للقوة والإلهام لك في مسيرتك الجديدة.
5. شبح الفشل
الخوف من الفشل في مسعاك الجديد أمر طبيعي جدًا على المستوى النفسي، وستراودك أسئلة: "وش أسوي لو ما ضبطت معي؟ وش لو ما لقيت شغل؟".
هذا طبيعي، ولكن تذكر أن العثرات والصعوبات جزء من الحياة، وأنه لا يوجد نجاح من دون تحديات، وأن أغلب المخاوف أوهام لا أكثر.
بصيص أمل في الأفق: اكتشاف الذات وتحقيق الطموحات
على الرغم من كل تلك المخاوف، كان هناك شيء يدفعني إلى المضي قدمًا، حلم يراودني، شغف لم أستطع تجاهله. كنت أعرف أنني إن لم أتخذ الخطوة فسأظل أسيرًا لتساؤلات: "ماذا لو؟".
هذا الحلم هو ما يميزنا كبشر. إنه الشوق الذي يدفعنا إلى تحقيق ذواتنا، إلى أن نكون أفضل نسخة من أنفسنا.
تخيل نفسك تستيقظ كل صباح وأنت تتطلع إلى يومك بعين الأمل. تخيل أنك تعمل في وظيفة تشعر فيها بأنك تضيف لهذا العلم شيء تستمتع به، حيث يتم تقدير مساهماتك، وحيث يمكنك أن تترقى وتتطور دائما.
لكن كيف يمكنك تحقيق هذا الحلم؟
وضع خطة النجاح.. خريطتك صوب القمة
كيف يمكنك الانتقال من حيث أنت الآن إلى حيث تريد أن تكون؟
الجواب يكمن في التخطيط الدقيق والعمل الجاد والتفاني.
1. استكشف ذاتك حقًا
استغرق وقتًا في التفكير فيما يهمك حقًا،
- ما الذي تستمتع بفعله؟
- ما مكامن قوتك ومواطن ضعفك؟
- ما قيمك وأولوياتك؟
يمكنك إجراء اختبارات شخصية أو استشارة خبير متسم بالحكمة لمساعدتك في اكتشاف ذاتك.
2. استكشف الخيارات المتاحة
ابحث عن الوظائف التي تتناسب مع اهتماماتك ومهاراتك.
اقرأ عن شتى المجالات المهنية، وحاول التواصل مع العاملين في تلك المجالات.
وبوسعك حضور معارض التوظيف أو البحث عن فرص التدريب الداخلي في الشركات لاكتساب خبرة عملية.
3. ضع خطة مالية
ضع لنفسك خطة مالية أساسية، وخطة مالية احتياطية، عليك بالتوفير والادخار بما يكفيك ل 6 شهور على الأقل إذا تأزمت الأمور.
من شأن هذا أن يزيد من ثقتك بنفسك ويقلل توترك ويزيد من شجاعتك وإقدامك وحماسك في تلك الخطوة الانتقالية.
4. اكتسب المعرفة
حالما تحدد أهدافك، ابحث عن الدورات التدريبية والبرامج التعليمية التي من شأنها مساعدتك تساعدك في اكتساب المهارات والمعرفة اللازمة.
ثمة وفرة في الموارد المتاحة عبر الإنترنت والمؤسسات التدريبية. ولكن يجب أن تُحسن الاختيار وأن تكون الجهة التدريبية موثوقة.
وفضلًا عن ذلك ينبغي أن تحدد الدورات التي تناسبك في البداية، فمثلًا إذا أردت العمل في مسار الموارد البشرية ـ وهو مجال واعد جدًا بالمناسبة - يجب أن تبدأ بالدورات على الترتيب التالي:
- انطلق في عالم الموارد البشرية: ابدأ رحلتك مع دورة محترف موارد بشرية مشارك (aPHRi™) باللغة العربية، الأساس المتين لمستقبل مشرق في هذا المجال الحيوي. حيث يمكنك اكتساب المعرفة الأساسية المعتمدة من HRCI، واختر ما يناسبك من التدريب المباشر أو الأونلاين المباشر أو الحضوري.
- ارتقِ بمسارك المهني: بعد بناء الأساس، حان وقت التخصص! احصل على شهادة محترف موارد بشرية (PHRi™) المعتمدة من HRCI، وثبت خبرتك ومهاراتك في إدارة الموارد البشرية. اختر الدراسة الذاتية أو التدريب المباشر أو الحضوري لتناسب جدولك الزمني.
- كن خبيرًا رائدًا: تتويجًا لرحلتك، احصل على شهادة محترف موارد بشرية أول (SPHRi™)، أرقى الشهادات المهنية في هذا المجال. أثبت تفوقك ومهاراتك الاستراتيجية في إدارة الموارد البشرية، وانضم إلى نخبة الخبراء.
5. أنشئ شبكة علاقات مهنية
تواصل مع الأشخاص الذين يعملون في المجال الذي تهتم به. احضر المؤتمرات وورش العمل والفعاليات المهنية. وأوصبك جدًا باستخدام منصات التواصل الاجتماعي مثل لينكدإن LinkedIn لبناء شبكة علاقات مهنية.
6. اكتسب الخبرة
ابحث عن فرص للتطوع أو التدريب في المجال الذي ترغب في العمل فيه. هذه الفرص ستساعدك في اكتساب الخبرة العملية وتعزيز سيرتك الذاتية.
7. تأهب للتغيير
كن مستعدًا للتغيير. قد تضطر إلى قبول وظيفة براتب أقل في البداية، أو العمل لساعات إضافية، أو الانتقال إلى مدينة جديدة.
من مُعلِّم إلى مُحلِّل أعمال: قصة نجاح سعودية
قرأت وسمعت عن قصص ملهمة عديدة لسعوديين وسعوديات نجحوا في تغيير مسارهم الوظيفي وتحقيق أحلامهم.
ومن أبرزها القصة التي حكاها ناصر مريكب، والتي رأيتها في أول الأمر انتقالة غريبة بين مجالين مختلفين تماما.
يحكي ناصر أنه كان مُولعًا بمهنته في تدريس اللغة الإنجليزية، مُستمتعًا بنقل شغفه باللغة لطلابه، لكن نفسه لم تخل من رغبةٍ في تحدٍّ جديد، واستكشاف آفاقٍ أرحب.
وفي أثناء تصفحه الإنترنت، وقعت عيناه على مقالٍ عن "تحليل الأعمال". جذبه الموضوع فبدأ يقرأ المزيد والمزيد، ليكتشف عالَمًا جديدًا زاخرا بالفرص. وجد نفسه مُنغمسًا في فهم كيفية استخدام البيانات والمعلومات لتحسين أداء الشركات واتخاذ قراراتٍ أفضل.
ما أبهرني في قصته حقًا بديهته التي رأت الجسر التالي بين مجاله القديم ومجاله الجديد…
أدرك ناصر أن مهاراته في التحليل والتفكير النقدي ـ التي كان يستخدمها في إعداد الدروس وتقييم الطلاب ـ يمكن أن تكون ذات قيمةٍ كبيرة في مجال تحليل الأعمال. قرَّر خوض غمار هذا التحدي، فبدأ بتعلُّم كل ما يستطيع عن هذا المجال، من خلال الكتب ودورات تحليل الأعمال.
لم يكن الطريق سهلًا، فقد واجه بطبيعة الحال تحديات، من بينها اكتساب المهارات التقنية اللازمة وفهم المصطلحات والمفاهيم الجديدة. ولكن رغم الانتكاسات بين الفينة والأخرى كانت عزيمته وإصراره أقوى من أي عقبة.
بعد أشهرٍ من الجهد الدؤوب في الدراسة والمذاكرة، حصل ناصر على شهادات مُعتمدة في تحليل الأعمال، وبدأ يبحث عن فرصٍ للعمل في هذا المجال. ثم وفقه الله وتلقَّى عرضًا للعمل كمحلل أعمالٍ مبتدئ في شركةٍ ناشئة في الرياض.
كانت بدايةً جديدةً ومُثيرةً له، فقد وجد نفسه يعمل في بيئةٍ مرنة وسريعة التطور، حيث يتعامل مع تحدياتٍ مُتنوعة ومُعقَّدة. واستطاع أن يُثبت جدارته بسرعة، بفضل مهاراته التحليلية وقدرته على التواصل الفعَّال مع الآخرين.
لم يكتفِ ناصر بما حقَّقه، بل واصل تطوير نفسه، فحصل على شهاداتٍ مُتقدِّمة في تحليل الأعمال، وشارك في العديد من المشاريع الناجحة، وبدأ يُنظر إليه كخبيرٍ في مجاله.
بصراحة رأيت قصته إثبات على أن تغيير المجال المهني ليس مُستحيلًا، وأن العزيمة والإصرار هما مفتاح النجاح. وذكرتني بأنَّ التعليم لا يتوقف عند حدٍّ مُعين، وأنَّ هناك دائمًا فُرصةً لتعلُّم شيءٍ جديد واكتشاف شغفٍ جديد.
أحلامك وطموحاتك المهنية بانتظارك!
أتفهم تمامًا ما تكابده من صراع داخلي وتساؤلات حول مستقبلك المهني. قرار تغيير المسار ليس سهلًا، ولكنه قد يكون الخطوة التي تحتاجها لتحقيق طموحاتك وتحقيق ذاتك.
أنت لست وحدك في هذا القلق والحماس. الكثيرون يقفون على مفترق طرق مشابه، يتساءلون عن المسار الصحيح. لكن تذكر، قرار تغيير المسار هو قرارك وحدك، قرار ينبع من شغفك ورغبتك في تحقيق ذاتك.
أدعوك ألا تدع الخوف يسيطر عليك، بل اجعله دافعًا لك للتخطيط والتعلم والتطور. استثمر في نفسك، واكتسب المهارات والمعرفة اللازمة، وأنشئ شبكة علاقات قوية.
وأدعوك لزيارة موقع مؤسسة بكة والاطلاع على الدورات التدريبية المتخصصة في:
ستجد برامج تدريبية متكاملة وشهادات معتمدة دوليًا ستساعدك على اكتساب المعرفة والمهارات اللازمة للنجاح في مسارك المهني الجديد.
استكشف دورات بكة وانضم إلى آلاف المتخصصين الذين بدأوا مساراتهم الجديدة مع مؤسسة بكة.