الصحة النفسية في بيئة العمل: المخاطر النفسية والاستبيان وآثارها وطرق تعزيزها
كتابة : بكه
7 مايو 2024
العديد من العوامل يجب على أصحاب الأعمال مراعاتها عندما يقررون إنشاء منظماتهم وشركاتهم، أبرز تلك العوامل هو إنشاء مكان عمل آمن وشامل، يضمن الحفاظ على الصحة النفسية لجميع العاملين في مختلف الأقسام، مع الردع المستمر لضغوط العمل التي تؤدي إلى تفاقم مشاكل الصحة النفسية، وفي هذا المقال نقدم شرحًا لمفهوم الصحة النفسية في بيئة العمل، وما هي العوامل المؤثرة عليها.
مفهوم الصحة النفسية في بيئة العمل
يشير مفهوم الصحة النفسية في بيئة العمل إلى شعور الموظفين بالرفاهية النفسية والعاطفية والاجتماعية، هذا الشعور الذي يجعلهم يحترمون أنفسهم والآخرين، ويستطيعون من خلاله بناء علاقات إيجابية مع زملاء العمل، كما يمنحهم القدرة على التعامل مع التحديات والمسؤوليات اليومية التي ينطوي عليها مكان العمل.
ويتعين على مديري الموارد البشرية في مختلف المنظمات الاهتمام بدعم الصحة النفسية للموظفين، نظرًا لدورها البارز في زيادة إنتاجيتهم.
اقرأ أيضًا: أفضل طرق تطوير بيئة العمل.
المخاطر النفسية في بيئة العمل
في إدارة المخاطر، هناك عدة عوامل مؤثرة على الصحة النفسية في العمل، وهي العوامل التي يواجهها الموظفون والتي تزيد من خطر الإجهاد المرتبط بالعمل ويمكن أن تؤدي إلى إصابتهم بأضرار نفسية، وتشمل تلك المخاطر ما يلي:
1- انخفاض التحكم في الوظائف
يُعد انخفاض التحكم في الوظائف من أبرز الضغوط النفسية في بيئة العمل، وهو يعني عدم قدرة الموظفين على التحكم في جوانب العمل، أي كيفية أو وقت إنجاز المهام، وعدم قدرتهم على المشاركة في القرارات التي تؤثر عليهم أو على عملائهم، وكذلك عدم قدرتهم على رفض التعامل مع العملاء العدوانيين.
2- ارتفاع وانخفاض متطلبات العمل
متطلبات العمل المرتفعة هي المهام التي تتطلب جهدًا بدنيًا أو عقليًا أو عاطفيًا مرتفعًا، أما المتطلبات المنخفضة فهي المهام التي تحتاج إلى جهود منخفضة.
ومن أمثلة متطلبات العمل المرتفعة:
- زيادة عدد ساعات العمل.
- عمل يتجاوز قدرات الموظف أو تدريبه.
- القيام بأعمال كثيرة مع عدد كبير من العملاء.
- ضغط الوقت أو سرعة وتيرة العمل.
- الجهود العاطفية للاستجابة للمواقف المؤلمة أو عند التعامل مع عملاء عدوانيين.
- التعرض للأحداث المؤلمة أو العنف المرتبط بالعمل.
- العمل في ظروف خطرة مثل الضوضاء أو المعدات الخطرة.
ومن أمثلة متطلبات العمل المنخفضة:
- قلة المهام المطلوبة.
- تكرار المهام أو رتابتها والتي تحتاج إلى مستويات منخفضة من معالجة الفكر وقليلاً من التنوع.
3- قلة الدعم
أكثر ما يسبب الاضطرابات النفسية في العمل، ضعف الدعم الذي يتلقاه الموظفين من الزملاء والمشرفين، وعدم إزالة أي عقبات تعيقهم عن القيام بعملهم، إضافة إلى عدم حصولهم على المعلومات أو التدريب اللازم لتطوير أدائهم في العمل، وكذلك نقص الموارد والأدوات والمعدات للقيام بمهامهم في العمل.
4- سوء إدارة التغيير التنظيمي
المقصود بالتغيير التنظيمي في أماكن العمل إدخال التكنولوجيا الجديدة أو نقل العمل أو تقليص حجمه، ويُدار هذا التغيير بشكل خاطئ عندما لا تراعي الإدارة التأثيرات المحتملة على الصحة والسلامة والأداء، وكذلك عدم التشاور الكافي مع الموظفين الرئيسيين بشأن تلك التغييرات، وعدم دعمهم خلال تنفيذها.
5- ضعف العدالة التنظيمية
ينتج ضعف العدالة التنظيمية عن التطبيق غير المتسق للسياسات والإجراءات، والتحيز في القرارات المتعلقة بتخصيص الموارد والعمل، وعدم إدارة الأداء السيء على النحو الأمثل.
6- عدم الاعتراف بالمجهودات
تتأثر الصحة النفسية للموظفين عندما لا يجدون تعليقات إيجابية من الإدارة على أدائهم في العمل.
ومن العوامل الأخرى المؤثرة على الصحة النفسية للموظفين: عدم إتاحة عدم وجود فرص لتنمية المهارات والتطوير الوظيفي.
7- انخفاض وضوح الأدوار
ينخفض وضوح الأدوار للموظفين عندما لا يكون لديهم اليقين بشأن المهام ومعايير العمل، وعندما لا تُتاح لهم المعلومات المهمة التي يحتاجون إليها، وكذلك عندما يحدث تضارب في الأدوار الوظيفية أو المسؤوليات أو التوقعات.
8- ضعف وسوء العلاقات في مكان العمل
يواجه الموظفون مخاطر نفسية في مكان العمل إذا كانت العلاقات بينهم وبعضهم البعض، وبينهم وبين المشرفين والمديرين ضعيفة أو سيئة، وكذلك عندما يواجهون سلوكيات سيئة من الزملاء أو المديرين مثل التنمر أو الاعتداء أو التحرش أو التحرش الجنسي أو التمييز.
9- الظروف البيئية السيئة
الظروف البيئية السيئة تؤثر بالسلب على الصحة النفسية للموظفين، وتشمل تلك الظروف: رداءة نوعية الهواء، ارتفاع مستويات الضوضاء، العمل بالقرب من الآلات غير الآمنة، درجات الحرارة القصوى.
10- العمل في أماكن منعزلة
من العوامل المؤثرة بالسلب على الصحة النفسية للموظفين، عملهم في أماكن منعزلة لا يوجد بها سوى عدد قليل من الأشخاص، وهو ما يصعب من الحصول على المساعدة في حال وقوع أي حادث طارئ.
11- التعرض لأحداث مؤلمة
تشمل الأحداث المؤلمة التي يتعرض لها الموظفين وتؤثر سلبًا على صحتهم النفسية: سوء المعاملة، التهديد بالأذى، التعرض للأذى الفعلي، التعرض للاعتداء الجسدي أو اللفظي، التعرض للسرقة.
اقرأ أيضًا: التنوع والشمول في بيئة العمل.
استبيان الصحة النفسية في بيئة العمل
يُعد استبيان الصحة النفسية في بيئة العمل، من الاستراتيجيات التي تلجأ إليها المنظمات لقياس مستويات الصحة النفسية للموظفين، إذ يتم توزيع الاستبيان على الموظفين، والذي يتضمن مجموعة من الأسئلة حول مدى تعرضهم للإجهاد المهني وما هي المشكلات النفسية التي يعانون منها في بيئة العمل، وما تقييمهم لبرامج مساعدة الموظفين، وغيرها من الأسئلة.
الصحة النفسية للعاملين وتأثيرها على كفاءة العمل
تُعد الصحة النفسية للعاملين من العوامل المؤثرة بشكل مباشر على كفاءة العمل، من خلال ما يلي:
1- إشراك الموظفين والرضا الوظيفي
العوامل النفسية الإيجابية تؤدي إلى إشراك الموظفين في أعمال وقرارات المنظمة، وهو ما يُشعرهم بالرضا الوظيفي، وبالتالي تزداد إنتاجيتهم، على عكس الموظفين الذين يعانون من مشكلات نفسية مثل القلق والاكتئاب، إذ يقل احتمال رضاهم عن عملهم، وتتأثر إنتاجيتهم بالسلب.
2- التغيب والحضور
تؤثر الصحة النفسية للموظفين على معدلات حضورهم وتغيبهم عن العمل، إذ تنخفض إنتاجية الموظفين الذين يعانون من مشكلات نفسية ويضطرون للتغيب عن العمل أو يحضرون في أثناء المرض ويؤدون أعمالهم ولكن بأداء ضعيف.
3- زيادة معدل دوران الموظفين
تتأثر كفاءة العمل بسبب زيادة معدل دوران الموظفين، هذه الزيادة التي تحدث نتيجة معاناة الموظفين من مشكلات نفسية في بيئة العمل تؤدي إلى ترك وظائفهم، وبالتالي تواجه المنظمات مشكلات في الاحتفاظ بالموظفين الأكفاء، وهو ما يؤخر من إنجاز مشاريعها، فضلًا عما تتكبده من تكاليف ووقت لتدريب موظفين جُدد.
4- فقدان التركيز
سوء الصحة النفسية للموظفين يضعف من تركيزهم خلال أداء المهام الوظيفية المطلوبة منهم، كما يضعف من قدرتهم على التحمل، مما يجعل من الصعب الوفاء بالمواعيد النهائية للمهام.
طرق تعزيز الصحة النفسية
على أصحاب العمل تطبيق استراتيجيات تعزيز الصحة النفسية للموظفين وخلق مكان عمل صحي وآمن لأجل زيادة الإنتاجية، وتتمثل تلك الاستراتيجيات فيما يلي:
1- وضع إرشادات واضحة في مكان العمل للصحة والسلامة
من أجل خلق بيئة صحية في مكان العمل؛ يتعين على أصحابه وضع وتنفيذ سياسات وممارسات واضحة في مجال الصحة والسلامة، إذ تساعد تلك الإرشادات على تطوير عمليات معالجة الوقاية والتعرف المبكر على مخاوف الصحة النفسية.
2- إنشاء برنامج لمساعدة الموظفين
على صاحب العمل توفير برنامج لمساعدة الموظفين في التعامل مع المشكلات الشخصية التي يمكن أن تؤثر على أداء عملهم أو صحتهم الجسدية أو صحتهم العقلية والعاطفية وحلها.
3- تدريب المشرفين والمديرين على الصحة النفسية
يجب أن توفر المنظمة برنامج التدريب الإداري والذي يتضمن التدريب على الصحة النفسية والذي يجب أن يخضع له المشرفين والمديرين، ليكونوا على دراية بالأدوات والمهارات التي يحتاجون إليها لتعزيز الصحة النفسية للموظفين.
4- خلق بيئة عمل إيجابية
من العوامل الداعمة للصحة النفسية للموظفين، عملهم في بيئة إيجابية وشاملة، تقلل من الإجهاد المرتبط بالعمل الذي يتعرضون له، ويمكن خلق هذه البيئة من خلال ما يلي:
- الاعتراف بجهود الموظفين ومكافأتهم على مساهماتهم في الشركة.
- توفير برامج التدريب المهني والتطوير الوظيفي لكل موظف.
- مشاركة الموظفين وتحفيزهم على بناء علاقات مهنية قوية.
- مساعدة الموظفين على الموازنة بين الحياة الخاصة والعمل، من خلال تقديم جداول زمنية مرنة، وعدم تكليفهم بأي مهام خارج ساعات العمل.
- تشجيع الموظفين على المساهمة بالأفكار وتقديم التعليقات والمشاركة في عمليات صنع القرار المتعلقة بعملهم.
5- إعادة توزيع الأدوار الوظيفية
يجب على الإدارة أن تعيد توزيع المسؤوليات والأدوار الوظيفية، إذا وجدت أن بعض الموظفين يشعرون بالإرهاق بسبب كثرة المهام المُكلفين بها، بينما يشعر البعض الآخر بالرتابة والملل عند القيام بمهامهم، وبالتالي يصبحون مضطربين أو يشعرون وكأنهم ليس لهم قيمة.
6- زيادة المرونة في العمل
من العوامل التي تؤدي إلى تحسينات كبيرة في الصحة النفسية للموظفين في مكان العمل، زيادة المرونة فيما يخص القيام بالمهام والمسؤوليات، وهناك بعض الوسائل التي يمكن أن تلجأ إليها الإدارة لتحقيق ذلك وهي:
- جعل المواعيد النهائية الداخلية للمشاريع أكثر مرونة.
- السماح للموظفين بالعمل من المنزل لمدة يومين أو ثلاثة أيام كل أسبوع.
- عدم إرسال رسائل البريد الإلكتروني للموظفين بعد انتهاء مواعيد العمل الرسمية.
- السماح للموظفين بالعمل خارج حدود الشركة.
- التواصل مع الموظفين ومعرفة أسلوب العمل الذي يفضلونه، وإجراء تعديلات على الأساليب المُتبعة لتناسبهم.
7- التخفيف من وصمة العار المرتبطة بمشكلات الصحة النفسية
يجب على الإدارة أن توفر مساحة آمنة للموظفين لمناقشة مشكلات الصحة النفسية التي يعانون منها، من خلال إتاحة الحوار المفتوح الذي يساعد في تقليل وصمة العار المرتبطة بتلك المشكلات، إذ تساعد هذه الطريقة على تعزيز معنويات الفريق والاحتفاظ بالموظفين وزيادة الإنتاجية.
فوائد تعزيز الصحة النفسية للموظفين
هناك العديد من الفوائد التي تعود على الموظفين والشركات عند خلق بيئة عمل إيجابية تعزز من الصحة النفسية للموظفين وهي:
- انخفاض معدلات تغيب الموظفين عن العمل.
- تقليل معدل دوران الموظفين وزيادة الاحتفاظ بهم، وتعزيز ولائهم لمكان العمل.
- زيادة معدلات إنتاجية الموظفين.
- تسليم المهام المطلوبة على أعلى مستوى من الجودة.
- تحسين القدرة على التعاطف مع العملاء وزملاء العمل.
- تكوين علاقات عمل فعّالة بين الموظفين والمديرين.
- تحسين مشاركة الموظفين في أعمال وقرارات الشركة.
دورات تدريبية لدعم موظفينك:
تشتهر منصة بكه بتميزها في تقديم الدورات التدريبية المُعتمدة للمؤسسات، من أجل تدريب موظفيها في كافة المجالات وتطوير مهاراتهم وخبراتهم، وذلك باستخدام التقنيات التدريبية والتعليمية الحديثة، وبالاختيار ما بين التدريب الإلكتروني أو التدريب بالنظام الحضوري، في سبيل توفير تجربة تدريب مميزة للمتدربين.
تعرف على خدمات بكه للمؤسسات الآن!
تؤهل بكة للتعليم الموظفين في مؤسستك للحصول على عدد كبير من الشهادات المهنية ومنها:
- دورات إدارة مشاريع
- دورات إدارة الموارد البشرية
- دورات تحليل الأعمال
- دورات حوكمة نظم المعلومات
- دورات سلاسل الإمداد
- دورات إدارة الجودة
- دورة أجايل لإدارة الأعمال
- دورة CCMP لإدارة التغيير
وفي الختام، فإن استثمار المنظمة في موظفيها ومراعاة صحتهم النفسية والعقلية، من أهم العوامل التي تساعد على زيادة إنتاجيتها وتحقيق أهدافها.