أصبحت مهارات التعلم الذاتي من أكثر المهارات المطلوبة، حتى تصبح هذه العملية فعالة إلى أقصى درجة ممكنة، فالثورة المعلوماتية التي يعيشها العالم في الوقت الحالي، أثرت بشدة على مختلف المجالات، وفتحت الباب لتغيير الطريقة التقليدية في تلقي العلم من خلال الأساتذة والكتب، إلى الاعتماد على النفس بصورة كاملة خلال هذه الرحلة، وهو ما يُطلق عليه اسم التعلم الذاتي، والذي يحتاج إلى اكتساب مهارات عدة نوضحها في السطور التالية.
مهارات التعلم الذاتي
في الوقت الحالي، أصبح لدى الجميع الفرصة لاكتساب مستوى لائق من الخبرة في أي مجال، بعدما أصبح الإنترنت من أهم مصادر المعرفة، والذي وفر قدرًا هائلًا من المعلومات المجانية، وهو ما لم يكن متاحًا من قبل حيث زادت أنواع التعلم الذاتي ومصادره.
ولضمان فاعلية التعلم الذاتي؛ لا بد من اكتساب مجموعة من المهارات المُستخدمة خلال هذه العملية، وهي كما يلي:
1- مهارة التخطيط
لا يمكن لعملية التعلم الذاتي تحقيق أهداف التعليم الذاتي، دون امتلاك المتعلم مهارة التخطيط، والتي تعني الخطة التي يسير عليها المتعلم بشكل منظم ومدروس طوال مشواره في رحلة التعلم الذاتي، حتى يحقق أهدافه منها.
ولا بد من وضع المتعلم خطته قبل البدء في تعليم ذاته، إذ تتضمن هذه الخطة الهدف الذي يسعى لتحقيقه، والذي يجب أن يكون قابلًا للتحقيق، ولا يفوق قدرات صاحبه.
والتخطيط لعملية التعلم الذاتي يحتاج إلى درجة كبيرة من الدقة في تنفيذ خطوات هذه العملية بالكامل، بدءً من أولى مراحلها، ووصولًا إلى الهدف المُراد تحقيقه. ويتعين على المتعلم أن يكون رقيب ذاته، دون أن يتابعه مشرف أو مُعلم، بل يتابع هو ذاته ليقيمها في كل مرحلة من مراحل التعلم الذاتي، ويتأكد من أنه يسير في الدرب الصحيح طوال هذه العملية.
ويمكن اكتسابها بالتالي:
- تحديد الأهداف: يجب على المتعلم أن يبدأ بتحديد أهداف واضحة وقابلة للتحقيق، وتوضيح ما يرغب في تعلمه خلال فترة معينة.
- تحديد الموارد: بعد تحديد الهدف، يجب على المتعلم تحديد الموارد المطلوبة (مثل الكتب، الدورات، المقالات) التي ستساعده في تحقيق الهدف.
- وضع جدول زمني: يجب تخصيص وقت يومي أو أسبوعي لكل جزء من العملية التعليمية. على سبيل المثال، يمكن تقسيم الموضوعات إلى جلسات دراسة قصيرة.
- المراجعة المستمرة: من الضروري أن يقوم المتعلم بمراجعة خطته بانتظام، ويعدلها إذا لزم الأمر بناءً على التقدم الذي يحرزه.
- التحقق من التقدم: خلال تنفيذ الخطة، يجب على المتعلم أن يقيّم نفسه بشكل دوري، ويحدد ما إذا كان يحقق الأهداف أو يحتاج إلى تعديل المسار.
2- مهارة التفكير النقدي
تُعد مهارة التفكير النقدي، من أهم المهارات المطلوبة لتحقيق عملية التعلم الذاتي هدفها المنشود، وهي المهارة التي تعني عدم تصديق كل ما يُقرأ بشكل مطلق، بل يجب التأكد من صحة المعلومات المقروءة قبل التسليم بها.
ويمكن القول أن مهارة التفكير النقدي هي الحد الفاصل بين التعليم التقليدي والتعلم الذاتي، فالمتعلم خلال دراسته في المدرسة أو الجامعة، يدرس المعلومات ويحفظها جيدًا، دون أن يبحث فيها، على عكس التعلم الذاتي الذي لا يصدق فيه المتعلم كل ما يقرأ، بل يتأكد من صحته ومصداقيته بعد البحث الدقيق فيه.
ويجدر التنويه إلى أن التفكير النقدي مهارة مكتسبة، يمكن تحسينها من خلال عدة طرق أبرزها القراءة كثيرًا، والسؤال عن كل شيء يُقرأ، وتحليل الحجج والأدلة، والبحث عن وجهات نظر مختلفة، وطرح الأسئلة.
ويمكن اكتسابها بالتالي:
- القراءة بعناية: يجب على المتعلم أن يقرأ النصوص بعناية، ويطرح أسئلة حولها مثل "ما هي الفكرة الرئيسية؟" و "هل هذا الدليل موثوق؟"
- البحث عن مصادر متعددة: لا يعتمد المتعلم على مصدر واحد، بل يجب أن يبحث في عدة مصادر للتحقق من صحة المعلومات.
- التحليل والاستنتاج: عند قراءة المعلومات، يجب على المتعلم تحليل الأدلة المقدمة وتفسيرها بناءً على معرفته المسبقة.
- مناقشة الأفكار: يجب على المتعلم مناقشة المعلومات مع الآخرين لتوسيع منظوراته والحصول على وجهات نظر مختلفة.
- التقييم المستمر: على المتعلم أن يسأل نفسه باستمرار: "هل هذه الفكرة منطقية؟ هل هناك أدلة تدعمها؟"
اقرأ ايضًا: أهم مهارات المستقبل.
3- مهارة البحث
تحتاج عملية التعلم الذاتي إلى اكتساب المتعلم مهارة البحث، إذ يتعلم من خلال هذه الوسيلة كيف يمكنه الوصول إلى المصادر الصحيحة للتعلم الذاتي والحصول منها على المعلومات.
والمقصود بمهارة البحث، القدرة على جمع معلومات حول موضوع ما، ومن ثم الوصول إلى إجابة لسؤال أو حل لمشكلة، وبعد ذلك يقوم المتعلم بمراجعة المعلومات التي حصل عليها، وتحليل تفاصيلها وتفسيرها بشكل يدعم الحل.
ولتعزيز مهارة البحث طوال رحلة التعلم الذاتي، يجب تعلم كيفية العثور على مصادر موثوقة وتحليل المعلومات لتحديد ما إذا كانت ذات مصداقية، مع التعرف على كيفية استخدام أحدث تقنيات البحث.
ويمكن اكتسابها بالتالي:
- تحديد أسئلة البحث: يجب على المتعلم أن يبدأ بتحديد الأسئلة التي يحتاج للإجابة عليها بوضوح، مما يساعد في توجيه البحث.
- استخدام تقنيات البحث الفعالة: يجب أن يتعلم المتعلم كيفية استخدام محركات البحث والمكتبات الرقمية لاستخراج المعلومات ذات الصلة.
- البحث في مصادر موثوقة: يجب على المتعلم التركيز على المصادر الموثوقة مثل الأبحاث العلمية، الكتب المعترف بها، والمواقع الأكاديمية.
- تحليل وتفسير المعلومات: بعد جمع المعلومات، يجب على المتعلم تحليلها وتفسيرها وفقًا للسياق الذي يدرسه.
- مراجعة النتائج: بعد اكتمال البحث، يجب على المتعلم مراجعة المعلومات ومقارنتها للتحقق من مصداقيتها قبل الاعتماد عليها.
4- مهارة التسجيل
لا يمكن تحقيق النجاح في عملية التعلم الذاتي دون اكتساب مهارة التسجيل، فخلال هذه العملية يحتاج المتعلم إلى تسجيل جميع الملاحظات، حتى يسهل عليه الرجوع إلى المعلومات المدونة والتأكد من صحتها.
أما عما يدونه ويسجله المتعلم خلال تعليم ذاته، فهو يبدأ بالخطة التي يضعها في بداية هذه الرحلة، والتي يمكنه الرجوع إليها وقتما يشاء.
كما يسجل المتعلم أهم الأفكار والمعلومات التي يرى أنها ضرورية خلال عملية التعلم الذاتي، إضافة إلى ملخص عن تجربته في هذه العملية، وما يحتاج إلى التحقق من صحته بعد الانتهاء من هذه التجربة.
ويمكن اكتسابها بالتالي:
- استخدام أدوات التسجيل: يمكن للمتعلم استخدام الأدوات التكنولوجية مثل تطبيقات الملاحظات أو دفاتر الملاحظات الرقمية لتسجيل المعلومات.
- التسجيل المنتظم: يجب على المتعلم تدوين الملاحظات بشكل مستمر خلال الجلسات الدراسية أو أثناء البحث عن المعلومات.
- التنظيم والتبويب: يجب أن يكون التسجيل منظمًا ومرتبًا، بحيث يسهل الوصول إلى الملاحظات في المستقبل. قد تكون العناوين الرئيسية والفرعية مفيدة.
- مراجعة الملاحظات: يجب على المتعلم مراجعة الملاحظات المسجلة بانتظام، وتحديد الأفكار والمعلومات المهمة.
- تقييم جودة الملاحظات: يجب التأكد من أن الملاحظات مفهومة وواضحة، بحيث يمكن الرجوع إليها بسهولة عندما يحتاج إليها المتعلم.
5- مهارة التقييم
تُصنف مهارة التقييم كواحدة من أهم المهارات خلال عملية التعلم الذاتي، إذ تتجلى أهميتها في كونها تحدد هدف المتعلم من عملية تعليم ذاته بذاته، وبعد الانتهاء من هذه العملية يستطيع المتعلم تحديد ما الذي حققه منها، إضافة إلى فائدتها في تحديد المتعلم ماذا يريد أن يتعلمه بعد ذلك.
ويمكن اكتسابها بالتالي:
- وضع معايير للتقييم: يجب على المتعلم تحديد معايير واضحة لقياس تقدم تعلمه، مثل مقدار المعلومات التي تم اكتسابها، أو المهارات التي تم تطويرها.
- التقييم الذاتي الدوري: بعد كل مرحلة من مراحل التعلم، يجب على المتعلم أن يقيم نفسه بشكل منتظم، ويحدد ما تم إنجازه.
- المقارنة مع الأهداف: يجب مقارنة التقدم المحرز مع الأهداف التي وضعت في بداية الرحلة، وتحديد الفجوات أو التحسينات اللازمة.
- طلب التغذية الراجعة: يمكن للمتعلم أن يطلب من الآخرين (مثل المعلمين أو الأقران) تقديم ملاحظات حول أدائه وتحديد مجالات التحسين.
- التعديل والتحسين: بناءً على التقييم الذاتي، يجب على المتعلم تعديل استراتيجيات التعلم إذا لزم الأمر لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.
6- مهارة إدارة الوقت
لن تنجح عملية التعلم الذاتي، إذ لم يمتلك المتعلم مهارة إدارة الوقت، والتي من خلالها يستطيع تحديد أنسب وقت لتعلمه، نظرًا لعدم تقيده بزمان أو مكان.
ولذلك، يجب على المتعلم أن يضع جدولًا زمينًا ويُفضل أن يكون أسبوعيًا، يتضمن عدد الجلسات والموضوعات المُقرر دراستها على مدار اليوم، ويُحدد أمام كل موضوع فترة زمنية مُحددة، إضافة إلى فترات الراحة بين كل جلسة وأخرى.
وتساعد مهارة إدارة الوقت على التعلم بشكل أفضل، وتقليل القلق والتوتر بشأن التعلم الذاتي، وبالتالي تحقيق الأهداف المنشودة.
ويمكن اكتسابها بالتالي:
- وضع خطة زمنية: يجب على المتعلم أن يضع خطة زمنية أسبوعية تتضمن الوقت المخصص لكل جلسة دراسية، مع تحديد الموضوعات التي ستتم دراستها.
- تحديد أوقات الدراسة: من المهم أن يختار المتعلم الأوقات التي يشعر فيها بأنه أكثر تركيزًا، مثل الصباح الباكر أو في المساء، مما يساعد على تحسين استيعابه.
- تقسيم الوقت: يجب تقسيم الوقت إلى فترات دراسية قصيرة (مثلاً 25-30 دقيقة) مع فترات راحة قصيرة بين كل جلسة لتجنب الإرهاق.
- الالتزام بالجدول: يجب على المتعلم أن يلتزم بالجدول الزمني المحدد وعدم إضاعة الوقت في أنشطة غير ضرورية.
- مراجعة الأداء: من المهم أن يقوم المتعلم بتقييم وقت الدراسة كل أسبوع، ويراجع كم من الوقت تم تخصيصه بالفعل للدراسة مقابل ما تم تنفيذه في الواقع، مع تعديل الجدول إذا لزم الأمر.
7- مهارة تحمل المسؤولية
لعل من أهم الدوافع التي تخلق الرغبة في خوض تجربة التعلم الذاتي، هو شعور المتعلم بقدرته على تحمل المسؤولية الذاتية.
وامتلاك المتعلم هذه المهارة، شيئًا لا غنى عنه حتى يحقق من عملية التعلم الذاتي هدفه الذي يسعى إليه، لأن شعوره بالمسؤولية تجاه الهدف الذي وضعه، هو الذي يدفعه للمضي قدمًا نحو تحقيقه.
ومهارة تحمل المسؤولية هي التي تجعل المتعلم يراقب ذاته خلال رحلة تعلمه، دون الحاجة إلى رقيب، فيلتزم بالجدول الزمني الذي يضعه لنفسه خلال هذه الرحلة، كما يقوم بتقييم نفسه بعد كل مرحلة، للتأكد من أنه يسير إلى هدفه على النحو الأمثل.
ويمكن اكتسابها بالتالي:
- وضع أهداف واضحة: يجب على المتعلم تحديد أهداف واضحة وقابلة للتحقيق، وبالتالي يشعر بالمسؤولية تجاه هذه الأهداف.
- المتابعة الذاتية: يتعين على المتعلم مراقبة تقدمه بنفسه، حيث يقوم بتقييم الأداء في كل مرحلة من التعلم. قد يشمل ذلك مراجعة الدروس أو إجراء اختبارات ذاتية.
- الالتزام بالخطط: يتحمل المتعلم المسؤولية عن الالتزام بخطط التعلم التي وضعها لنفسه، مثل الالتزام بالجدول الزمني أو تحقيق الأهداف الأسبوعية.
- تعزيز الشعور بالمسؤولية: يمكن للمتعلم تعزيز الشعور بالمسؤولية من خلال مشاركة أهدافه مع الآخرين، مثل الأصدقاء أو العائلة، مما يجعله أكثر التزامًا.
- التقييم الذاتي: من المهم أن يكون المتعلم صريحًا مع نفسه في تقييم الإنجازات والتحديات التي يواجهها خلال رحلته التعليمية.
8- مهارة معالجة المعلومات
خلال رحلة التعلم الذاتي، لا يكفي اكتساب المتعلم مهارة التحقق من صحة المعلومات؛ بل عليه أيضًا أن يكون قادرًا على معالجتها.
والمقصود بمهارة معالجة المعلومات، هو قدرة المتعلم على تحويل المكتوب منها إلى رسوم توضيحية، وإذا كانت تلك المعلومات على هيئة رسومات وجداول بيانية؛ فيكون قادرًا على تحويلها إلى شروحات، وهو ما يساعد في النهاية على تذكر المعلومات المُكتسبة بأكثر من صورة.
ويمكن اكتسابها بالتالي:
- التجزئة والتصنيف: يجب على المتعلم تقسيم المعلومات الكبيرة إلى أجزاء صغيرة وسهلة الفهم، مما يسهل معالجتها.
- استخدام أدوات المعالجة: يمكن للمتعلم استخدام أدوات مرئية مثل الرسوم البيانية، الخرائط الذهنية، أو الجداول لتوضيح وتحليل المعلومات.
- الربط والتفسير: يجب على المتعلم أن يحاول ربط المعلومات الجديدة مع المفاهيم السابقة التي يعرفها، مما يساعد في تحسين الفهم.
- التوضيح والشرح: عند التعامل مع المعلومات، يجب أن يحاول المتعلم تحويل المعلومات إلى شروحات أو أمثلة واقعية مما يساعده في تثبيت ما تعلمه.
- التطبيق العملي: يجب أن يسعى المتعلم لتطبيق المعلومات التي تعلمها في حالات عملية أو تمارين، مما يعزز من عملية المعالجة ويزيد من تذكرها.
9. مهارة التحفيز الذاتي:
تحفيز الذات هو القدرة على إبقاء الدافع والإرادة قوية في مواجهة التحديات والصعوبات أثناء رحلة التعلم الذاتي. هذه المهارة تتطلب من المتعلم أن يعتمد على نفسه في تحفيز عقله وعواطفه للالتزام بخطته التعليمية رغم الضغوط والمشاغل. يمكن تعزيز التحفيز الذاتي عبر عدة طرق:
- تحديد أهداف واضحة ومحددة: عندما يكون للمتعلم هدف واضح يسعى لتحقيقه، يصبح التحفيز أسهل لأنه يرى النتيجة المرجوة.
- تقسيم المهام الكبيرة إلى مهام صغيرة: هذا يساعد على تقليل الشعور بالضغط، ويجعل المتعلم يشعر بالإنجاز التدريجي.
- مكافأة النفس: بعد إتمام كل مرحلة أو تحقيق هدف صغير، يمكن للمتعلم أن يكافئ نفسه، مما يعزز الدافع للاستمرار.
- البحث عن الإلهام والمحفزات الخارجية: مثل القراءة عن تجارب الآخرين أو مشاهدة فيديوهات تحفيزية يمكن أن يكون له تأثير قوي في تجديد الحافز.
10. مهارة التكيف والمرونة:
التعلم الذاتي ليس عملية ثابتة؛ بل يتطلب من المتعلم التكيف مع تغيرات الظروف، والمرونة في تعديل أساليبه وخططه التعليمية. قد يواجه المتعلم مواقف غير متوقعة مثل ضيق الوقت أو تغير في أولوياته، ولذلك يجب أن يكون مستعدًا لتغيير نهجه. تشمل مهارة التكيف والمرونة:
- التعامل مع الفشل: يجب على المتعلم أن يرى الفشل كفرصة للتعلم، ويبحث عن طرق جديدة لتحقيق النجاح بدلاً من الاستسلام.
- التجربة والتغيير: لا يوجد أسلوب واحد يناسب الجميع. قد يكتشف المتعلم بعد فترة أن طريقة معينة في التعلم غير فعالة بالنسبة له، فيقوم بتجربة طرق جديدة.
- الاستجابة للتحديات: التكيف يشمل أيضًا القدرة على مواجهة الصعوبات والمشاكل التي قد تظهر أثناء رحلة التعلم، مثل مشاكل التقنية أو عدم توفر الموارد اللازمة.
11. مهارة اتخاذ القرارات:
في التعلم الذاتي، يتعين على المتعلم اتخاذ العديد من القرارات بشأن مختلف جوانب عملية التعلم. يتطلب ذلك تفكيرًا عقلانيًا وقدرة على الموازنة بين الخيارات المختلفة. أهم القرارات التي يجب اتخاذها تشمل:
- اختيار مصادر التعلم: هل سيتعلم من خلال الكتب، الدورات الإلكترونية، الفيديوهات، أو التجربة العملية؟
- اختيار أساليب الدراسة: هل سيعتمد على الدراسة الفردية أم سيتفاعل مع مجموعات دراسية؟
- إدارة الوقت: متى سيخصص وقتًا للدراسة؟ ما هو أفضل وقت في اليوم لتحقيق أقصى استفادة؟
- التوازن بين التعلم والممارسات اليومية: كيفية تنظيم الوقت بحيث يتمكن المتعلم من تحقيق توازن بين التزامات الحياة اليومية والتعلم.
12. مهارة التواصل والتفاعل:
على الرغم من أن التعلم الذاتي يعتمد في الأساس على استقلالية المتعلم، إلا أن مهارة التواصل تلعب دورًا مهمًا في تعزيز العملية التعليمية. التواصل مع الآخرين يمكن أن يقدم دعمًا إضافيًا ويوفر فرصًا لتبادل المعرفة والخبرات. تشمل مهارة التواصل والتفاعل:
- طلب المساعدة: عندما يواجه المتعلم صعوبة في موضوع ما، يمكنه طلب المساعدة من معلمين أو زملاء آخرين، سواء عبر الإنترنت أو في الواقع.
- المشاركة في المنتديات أو المجموعات الدراسية: يمكن للمشاركة في النقاشات مع آخرين أن يوفر أفكارًا جديدة، ويعزز الفهم العميق.
- التعاون: في بعض الأحيان، قد يستفيد المتعلم من العمل الجماعي والتعلم من تجارب الآخرين، خاصة في المواضيع المعقدة أو المتقدمة.
- التغذية الراجعة: التواصل مع الخبراء أو زملاء الدراسة للحصول على تقييمات وملاحظات حول التقدم أو الطريقة التي يتبعها المتعلم يمكن أن يساعد في تحسين الأداء وتحديد المجالات التي بحاجة للتحسين.
13. مهارة تنظيم المعلومات:
تنظيم المعلومات يعد من المهارات الأساسية في التعلم الذاتي، حيث يساهم في تسهيل الوصول إلى المعرفة وفهمها بشكل أعمق. عندما يتم تنظيم المعلومات بطريقة منهجية، يكون المتعلم قادرًا على التفاعل مع المعلومات بشكل أكثر فعالية، مما يعزز الفهم والاسترجاع لاحقًا. تشمل مهارة تنظيم المعلومات:
- التبويب والتصنيف: يمكن للمتعلم تقسيم المعلومات إلى فئات أو موضوعات رئيسية وفرعية، مما يسهل استرجاعها عند الحاجة. على سبيل المثال، قد يستخدم المتعلم تصنيفات مثل "المفاهيم الأساسية"، "الأمثلة"، "الاستنتاجات" لتنظيم المواد.
- استخدام أدوات التنظيم: يمكن استخدام الأدوات الرقمية مثل برامج إدارة الملاحظات (مثل Notion أو Evernote) أو خرائط العقل (Mind Mapping) لتنظيم المعلومات بصريًا وكتابيًا.
- التسلسل الزمني أو المنطقي: ترتيب المعلومات وفقًا للزمن أو المنطق يساعد المتعلم على فهم تطور الفكرة أو تسلسل الأحداث، مما يسهل بناء استنتاجات قوية.
- المراجعة والتحديث: يجب على المتعلم مراجعة وتنقيح المعلومات بانتظام، وإضافة ملاحظات أو تحديثات جديدة بناءً على ما يتعلمه.
14. مهارة التأمل والتفكير العميق:
التأمل والتفكير العميق يعدان من المهارات المهمة التي تساهم في تحفيز العقل وتحقيق فهم أعمق للمعلومات. إن مجرد قراءة المعلومات أو حفظها ليس كافيًا؛ بل يجب على المتعلم أن يخصص وقتًا للتفكير في المعلومات من زوايا متعددة. تشمل مهارة التأمل والتفكير العميق:
- التفكير النقدي: التفكير العميق يتطلب من المتعلم تحليل المعلومات بشكل نقدي. هذا يعني التساؤل عن صحة المعلومات، وتقييم الأدلة الداعمة لها، والنظر في وجهات نظر مختلفة.
- ربط المعلومات: من خلال التفكير العميق، يقوم المتعلم بربط المعلومات الجديدة بما يعرفه بالفعل، مما يسهم في تعزيز الفهم والاحتفاظ بالمعرفة.
- مناقشة الأفكار: يعتبر التفاعل مع الأفكار ومناقشتها مع النفس أو الآخرين جزءًا أساسيًا من التأمل. طرح الأسئلة مثل "كيف يمكنني تطبيق هذه الفكرة في حياتي؟" أو "ما هي العواقب المحتملة لهذه الفكرة؟" يساعد على تعزيز الفهم.
- التفكير التأملي: تخصيص وقت للتوقف والتفكير بشكل أعمق حول ما تم تعلمه يتيح للمتعلم الفرصة لفهمه على مستوى أعمق وأكثر ارتباطًا.
15. مهارة التقييم الذاتي المستمر:
التقييم الذاتي المستمر هو عملية تقييم الأداء بشكل دوري ومتكرر على مدار رحلة التعلم الذاتي. هذه المهارة تساهم في ضمان التقدم المستمر وتحديد النقاط التي تحتاج إلى تحسين. تشمل مهارة التقييم الذاتي المستمر:
- التحليل الذاتي: من خلال التقييم المستمر، يقوم المتعلم بتحديد نقاط القوة والضعف في أدائه، ويعتمد على هذه المراجعات لتحسين أساليب التعلم.
- وضع معايير تقييم واضحة: يجب على المتعلم وضع معايير موضوعية وواضحة لقياس التقدم في تعلمه، مثل مراجعة الأهداف التي وضعها في البداية، ومدى اقترابه من تحقيقها.
- المرونة في التعديل: بناءً على نتائج التقييم، قد يحتاج المتعلم إلى تعديل استراتيجياته أو أساليب تعلمه. التقييم المستمر يعزز القدرة على التكيف وتغيير الأساليب بناءً على ما يتعلمه.
- التقييم العاطفي: التقييم لا يقتصر على الجوانب المعرفية فقط، بل يشمل أيضًا تقييم دافع المتعلم واستعداده للاستمرار في التعلم. من خلال التقييم العاطفي، يتعرف المتعلم على مستوى التحفيز والرضا الشخصي، مما يساعده على الحفاظ على حماسه في المراحل القادمة.
اقرأ أيضًا: ما هي المهارات القيادية وكيف يمكن تطوير المهارات القيادية.
أهمية مهارات التعليم الذاتي:
توجد العديد من فوائد ومميزات التعليم الذاتي، ولعل ذلك هو أكثر ما خلق الشغف بالتعلم الذاتي، هذه العملية التي تعني قيام المتعلم بتعليم ذاته طواعية، دون الاعتماد على مُعلم، تدفعه في ذلك رغبته في إثراء نفسه بالمعرفة، لتحسين معلوماته وزيادة خبراته وتطوير مهاراته، معتمدًا على وسائل أخرى خارج نطاق المدرسة أو الجامعة، مثل الدورات التدريبية، ومقاطع الفيديو التعليمية والمنصات الإلكترونية، وغير ذلك.
وقد ساعد التعلم الذاتي على تحسين الذات، وصقل الخبرات والمعارف، واكتساب مهارات جديدة، وهي العوامل التي تمكن صاحبها من امتلاك الكفاءة ليحصل على وظيفة مناسبة براتب لائق.
اقرأ أيضًا: استراتيجيات التعليم الذاتي.
دورات تدريبية تُصقل مهارات التعليم الذاتي:
وتُعد الدورات التدريبية المتوفرة عبر الإنترنت، واحدة من أفضل وسائل التعلم الذاتي، إذ يختار منها المتعلم ما يناسبه، ويستطيع دراسته في الوقت الملائم لظروف عمله أو دراسته والذي يناسب حياته اليومية بشكل عام، وتقدم منصة بكه مجموعة من الدورات التدريبية المُعتمدة في عدة تخصصات، والتي يمكن الاستفادة منها في تطوير المهارات وزيادة الخبرات.
الخاتمة:
أصبح التعلم الذاتي من المهارات الأساسية في العصر الحالي بفضل توفر الإنترنت كمصدر ضخم للمعرفة المجانية. لتحقيق النجاح في هذا النوع من التعلم، يجب على المتعلم أن يمتلك مجموعة من المهارات الضرورية. من أهم هذه المهارات التخطيط، الذي يتطلب تحديد أهداف واضحة قابلة للتحقيق، وتنظيم الوقت بشكل دقيق. كما أن مهارة التفكير النقدي تساهم في تنقية المعلومات المستخلصة من مصادر متعددة، وتساعد المتعلم على تحليل الأدلة بشكل منطقي. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر البحث المستمر عن مصادر موثوقة جزءًا أساسيًا في عملية التعلم الذاتي.
مهارة تنظيم المعلومات هي أيضًا من الأساسيات التي تسهم في تنظيم المعرفة وتسهيل الوصول إليها في المستقبل. وعند اكتساب مهارة التحفيز الذاتي، يستطيع المتعلم الاستمرار في رحلته التعليمية بالرغم من التحديات. كما أن التقييم الذاتي المنتظم يمكن المتعلم من قياس تقدمه وتحديد الفجوات التي تحتاج إلى تحسين. في هذا السياق، يساعد المتعلم أيضًا على تنمية مهارات مثل التكيف مع التغييرات والتعامل مع الضغوط. باختصار، يتطلب التعلم الذاتي تكامل عدة مهارات مثل التحليل، التنظيم، والتحفيز لتحقيق أهداف التعلم بكفاءة.
وفي الختام، فإن عملية التعلم الذاتي أصبحت ضرورة لا غنى عنها، من أجل تطوير الذات، في ظل اشتداد المنافسة للالتحاق بأفضل وظائف المستقبل المُتاحة في سوق العمل.