في ظل التزايد المستمر للجرائم الإلكترونية خلال السنوات الأخيرة، باتت حماية أمن الشبكة ضرورة لا غنى عنها للمنظمات التي ترغب في الحفاظ على معلوماتها من الاختراق، وتتعدد التقنيات التي تُستخدم في هذا الغرض، والتي يحددها خبير أمن الإنترنت وفقًا لوضع المنظمة، ومن أبرز تلك التقنيات تشفير البيانات والتي تُعد من أكثر التقنيات أمانًا وفعالية في حماية البيانات، وفي هذا المقال نوضح تعريف تشفير البيانات وأنواعه ومراحله والغرض من استخدامه والتقنيات المُستخدمة في التشفير.
ما هو تشفير البيانات
تشفير البيانات Data encryption هو تقنية مُتبعة لحماية البيانات والحفاظ على سريتها، عن طريق تحويلها إلى رموز أو نص مشفر، بحيث لا يمكن فك تشفيرها أو الوصول إليها إلا من قِبل فرد يحمل كلمة المرور أو مفتاح التشفير الصحيح، والذي يُنتج قبل التشفير أو خلال تنفيذه.
وتفيد عملية التشفير في الحفاظ على سلامة البيانات وحمايتها من السرقة أو التغيير أو الاختراق، ولذلك فهي تُستخدم على نطاق واسع من قبل المؤسسات الكبيرة والشركات الصغيرة والمستهلكين الأفراد.
وفي الوقت الحالي، ومع تزايد جرائم الأمن السيبراني، بات من الضروري على كل فرد يستخدم الإنترنت معرفة تقنيات التشفير وكيفية الاستفادة منها.
أنواع التشفير في أمن المعلومات:
تتعدد أنواع التشفير في الأمن السيبراني، ولكن هناك طريقتين للتشفير هما الأكثر شيوعًا، وذلك على النحو التالي:
1. التشفير المتماثل
التشفير المتماثل Symmetric Encryption والذي يُعرف أيضًا باسم تشفير المفتاح الخاص، هو طريقة تعتمد على استخدام بعض الخوارزميات مفتاحًا خاصًا في عمليات التشفير وفك التشفير، أي أن المفتاح المُستخدم للترميز هو نفسه المُستخدم لفك الشفرة، وتتطلب هذه الطريقة وصول المرسل والمستقبل إلى نفس المفتاح، لذلك، يحتاج المستلم إلى المفتاح قبل فك تشفير الرسالة.
وتُعد طريقة التشفير المتماثل هي الطريقة المُفضلة للمستخدمين الأفراد والأنظمة المغلقة، كما أنها أقل أمانًا.
2. التشفير غير المتماثل
التشفير غير المتماثل Asymmetric Encryption والذي يُعرف أيضًا باسم التشفير بالمفتاح العام، ويُستخدم في غالبية بروتوكولات أمن الإنترنت، وفي هذه الطريقة يتم استخدام مفتاحين في عملية التشفير، وهما مفتاح عام وخاص توجد بينهما علاقة رياضية، والاثنين عبارة عن أرقام كبيرة ليست متطابقة ولكنها مقترنة ببعضها البعض، إذ يستخدم المستخدم أحدهما للتشفير والآخر لفك التشفير.
والمفتاح العام في التشفير غير المتماثل متاحًا لأي شخص مجانًا، بينما المفتاح الخاص يمتلكه المستلمين المقصودين فقط، الذين يحتاجون إليه لفك شفرة الرسائل.
وهناك أنواع أخرى من التشفير والتي تختلف باختلاف الغرض من استخدامها، وهي كما يلي:
3. تشفير مستوى الشبكة
وفي هذا النوع تتشفر طبقة نقل الشبكة من البيانات، وهي الطبقة بين مستوى رابط البيانات ومستوى التطبيق، ويسهل هذا التشفير من الاتصال الخاص عبر الملكية الفكرية عند استخدامه بالاقتران مع أدوات أمن الشبكة.
4. تشفير مستوى الارتباط
في هذا النوع، تتعرض البيانات للتشفير وفك التشفير وإعادة التشفير من قِبل النظام عندما يغادر الشبكة المضيفة، وهو ما يساعد على تعزيز الأمان في هذا التشفير، إمكانية استخدام كل رابط مفتاح تشفير مختلف.
5. التشفير من طرف إلى طرف
وهي التقنية المُستخدمة في حماية الاتصالات التي تُجرى بين طرفين، مثل محادثات البريد الإلكتروني والرسائل الفورية ومحادثات الفيديو. وتضمن هذه التقنية أنه لن يتمكن أحد من قراءة الرسالة سوى المستقبِل المقصود فقط، وبالتالي فهي توفر للمستخدمين أعلى مستوى من الأمان والخصوصية.
6. تشفير مستوى العمود
يشفر هذا النوع الخلايا الموجودة في عمود معين، إذ يحتاج المستخدم إلى إدخال كلمة مرور حتى يصل إلى البيانات في تلك الخلايا.
7. التشفير على المستوى الميداني
وهو تشفير خاص بمواقع الويب، فمن خلاله يتم تشفير مجالات محددة على صفحة الويب، وهي المجالات التي قد تحتوي على معلومات حساسة مثل رقم بطاقة الائتمان.
اقرأ أكثر عن الحوسبة السحابية وأمن الحوسبة السحابية.
مراحل عملية تشفير البيانات:
تمر عملية تشفير البيانات بعدة مراحل، نوضحها فيما يلي:
1- تحديد المتطلبات الأمنية
أولى مراحل عملية تشفير البيانات هي تحديد المتطلبات الأمنية للمؤسسة، إذ أن اختلاف أنظمة التشفير في القوة وقدرات المعالجة يفرض على المنظمة تقييم احتياجاتها الأمنية أولًا.
وعند تحديد المتطلبات الأمنية، يتم الكشف عن نقاط الضعف في النظام من أجل تقييم التهديدات، ومعرفة القرارات التجارية ولوائح الامتثال التي يمكن أن تؤثر على الاستراتيجية، مع مراجعة أطر الأمن السيبراني.
2- تصنيف البيانات
بعد ذلك، يتم تصنيف البيانات التي تخزنها وترسلها المنظمة، والتي تشمل البيانات المالية ومعلومات العملاء وتفاصيل حساب المؤسسة، وكافة البيانات التي يعتمد عليها العمل. وتُصنف بيانات المؤسسة وفقًا لدرجة حساسيتها ومدى تنظيمها وآلية التنظيم، وعدد مرات استخدامها.
3- تحديد أدوات التشفير المناسبة
في هذه الخطوة، يتم تحديد أدوات تشفير البيانات التي تناسب احتياجات المنظمة، ولذلك لا بد من تثبيت مجموعة من خوارزميات وتقنيات التشفير لحماية جميع أشكال البيانات عبر قواعد البيانات والملفات والتطبيقات الخاصة بالمنظمة، ومن ثم يتم الاختيار ما بين التشفير المتماثل وغير المتماثل، وذلك بعد موازنة المفاضلات بين السرعة والأمان والتعقيد.
ومن خلال تقنيات التشفير يمكن تشفير البيانات على مستويات متعددة في أماكن العمل وفي السحابة وتلك المستويات هي التطبيق وقاعدة البيانات والملفات، كما تقدم تلك التقنيات لوحة معلومات إدارية مركزية لتشفير البيانات وتشفير السياسات والتكوينات الرئيسية، وضوابط تسجيل السجلات والمشاركة بين المجموعات والوصول القائم على الأدوار.
ويساعد استخدام تقنيات التشفير الصحيحة في جميع مستويات تخزين البيانات ونقلها على الحفاظ على بيانات المنظمة آمنة قدر الإمكان.
4- الاستعداد لنشر خطة التشفير
في هذه الخطوة، يجب أن تضع المنظمة خطة لتنفيذ استراتيجية التشفير الخاصة بها، والتخطيط لحل أي مشكلة يمكن أن تنشأ، وعلى سبيل المثال، فقد يؤدي التخطيط الجيد والمبكر إلى تقليل الاضطرابات الناتجة عن دمج طريقة التشفير الجديدة الخاصة بالمنظمة مع الأنظمة القديمة.
ولتنفيذ هذه الخطوة على النحو الأمثل، يُفضل دعم فريق تكنولوجيا المعلومات الخاص بالمنظمة من خلال التعاون مع مزود تكنولوجيا المعلومات التابع لجهة خارجية.
5- إنشاء المفاتيح وتخزينها وتطبيق التشفير
بعد ذلك، يتم إنشاء المفاتيح الخاصة بالتشفير ومفاتيح فك التشفير، مع حفظ تلك المفاتيح بشكل آمن في ملفات مشفرة من أجل حمايتها من الوصول غير المصرح به. ثم تستخدم المنظمة نظام التشفير الذي اختارته مع استخدام مفتاح تشفير البيانات، ومن ثم تطبيق الخوارزمية التي تحول البيانات إلى نصوص مشفرة لا يمكن قراءتها.
6- التحقيق والمراقبة وفحص الأمان
بعد تطبيق التشفير، لا بد من التحقق من أن المفاتيح والبيانات المشفرة لا يمكن أن يصل إليها سوى الأشخاص المصرح لهم، مع وضع نظام مراقبة يكشف عن أي محاولة للوصول إلى تلك البيانات.
وللتأكد من خلو نظام التشفير من أي ثغرة أمنية تسمح بكسر التشفير؛ لا بد من إخضاع نظام التشفير للفحص الدوري واختبار الاختراق.
أهداف التشفير:
تُستخدم عملية تشفير البيانات من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف وهي:
1. الحفاظ على أمن البيانات
توفر عملية التشفير الحماية للبيانات من أجل منع انتهاكها خلال النقل والتخزين، ففي حال فقدان الجهاز مثل الكمبيوتر أو الهاتف، تظل البيانات المشفرة آمنة، ومن خلال خطوط الاتصال المشفرة، يمكن نقل البيانات الحساسة دون خوف من اختراقها.
ويُعد طلب بروتوكول نقل النص الفائق الآمن (HTTPS) هو نوع التشفير المُستخدم في هذا الغرض، إذ يُستخدم في التحقق من أصل الخادم أو موقع الويب.
2. المزيد من الخصوصية
تُستخدم عملية تشفير البيانات من أجل التأكد من أن الذي يقرأ الرسالة هو صاحب البيانات أو المستلم المقصود، وبالتالي لا يمكن أن تُقرأ البيانات الحساسة من قِبل شبكات الإعلانات ومهاجمي البيانات ومقدمي خدمات الإنترنت.
3. حماية البيانات من التلاعب
يُعد تشفير البيانات من أهم التقنيات التي تساعد على حماية البيانات من التلاعب خلال نقلها، إذ تمنع المخترقين من تغيير محتويات الملف وحجمه ونوعه، كما تمنعهم من حذف أو نسخ الملفات خلال نقلها، ولذلك تستخدمه شركات مواقع التواصل الاجتماعي للحفاظ على المعيار مستوى الأمان لديها.
4. التحقق من بيانات الويب
من أبرز أهداف استخدام التشفير، التحقق من بيانات موقع الويب، فعند زيارة موقع ويب تنتقل المعلومات المشفرة بين متصفح الإنترنت وخادم الموقع، ومن خلال هذا الانتقال يمكن التحقق من اتصال المتصفح بموقع الويب الحقيقي وليس المنشور.
كما يساعد التشفير على تثبيت اتصال الإنترنت ومن ثم ضمان إرسال واستلام الوحدات الصغيرة من الحزم، وهو ما يؤدي إلى منع فقدان الحزمة.
أنواع خوارزميات التشفير:
خوارزميات التشفير هي الأدوات المُستخدمة في تحويل البيانات إلى نصوص مشفرة، أي أنها طرق تشفير المعلومات في الحاسوب، وتنقسم تلك الخوارزميات إلى الأنواع التالية:
1- خوارزمية تشفير البيانات الثلاثية Triple DES
تستخدم خوارزمية Triple Data Encryption Standard التشفير المتماثل في حماية البيانات، إذ تم إنشاؤها ردًا على المتسللين الذين اكتشفوا كيفية اختراق معيار تشفير البيانات الأصلي (DES).
وفي هذه الخوارزمية، يُستخدم مفتاح التشفير الواحد ثلاث مرات، فقبل إرسال النص العادي، يقوم المرسل بتشفيره وفك تشفيره وإعادة تشفيره، ويعمل بالطريقة المعاكسة لفك التشفير، فيقوم جهاز الاستقبال بفك تشفير النص وإعادة تشفيره ثم فك تشفيره مرة أخرى.
2- خوارزمية معيار التشفير المتقدم AES
تُعد خوارزمية Advanced Encryption Standard من أقوى طرق التشفير التي تستخدمها حكومة الولايات المتحدة والمنظمات الأمنية الأخرى وبعض الشركات، إذ تستخدم التشفير المتماثل من أجل تشفير البيانات في أقسام أحادية الكتلة، مما يقلل من فرص التداخل.
وما يميز خوارزمية AES، أنها تعتمد في عملها على مفتاح تشفير خاص واحد، ولذلك فهي خوارزمية موثوقة وآمنة للغاية.
3- خوارزمية التشفير RSA
تُعد خوارزمية Rivest-Shamir-Adleman واختصارها RSA خوارزمية تشفير عامة غير متماثلة تستخدم مفتاح تشفير عام يتصل بالتشفير الأولي للنص العادي، ومفتاح تشفير خاص مرتبط بفك التشفير.
وما يميز هذه الخوارزمية أنها قوية وموثوقة، لأنها تضع الكثير من النصوص الغامضة أمام المتسللين المحتملين، مما يجعلهم يبذلون الكثير من الوقت والجهد للاختراق في الأنظمة. ويتم اختيار هذه الخوارزمية عندما لا يعرف المستخدم جهاز الاستقبال، أو عندما يرغب في تشفير بيانات صغيرة وحساسة للغاية.
4- خوارزمية السمكة المنتفخة Blowfish
تعتمد هذه الخوارزمية على التشفير المتماثل، إذ تقسم البيانات المشفرة إلى كتل أو شرائح لتشفيرها بشكل فردي. من مميزات خوارزمية السمكة المنتفخة، أنها تعمل بسرعة، كما أنها نظام غير مسجل وبالتالي فهي متاحة بسهولة لأي مستخدم.
وتُعد هذه الخوارزمية من الخوارزميات الشائعة لدى البائعون عبر الإنترنت وفي الأسواق، لأنها تشفر معلومات تسجيل دخول المستخدمين أو السماح بالدفع الآمن.
5- خوارزمية Twofish
تُعد خوارزمية Twofish خليفة خوارزمية السمكة المنتفخة، وهي تعمل أيضًا بنظام التشفير المتماثل، وتتيح للمستخدم حرية تحديد سرعة التشفير الخاصة به والتحكم في عملية تشفير البيانات بشكل كامل، وذلك ما يميزها عن أنواع التشفير الأخرى.
تختار الكثير من المنظمات والشركات وحتى الأفراد استخدام هذه الخوارزمية، نظرًا لسهولة الوصول إليها.
6- خوارزمية تنسيق الحفاظ على التشفير FPE
تتيح خوارزمية Format-Preserving Encryption إمكانية الحفاظ على التنسيق الأصلي للنص العادي، ولأن النص العادي له نفس تنسيق النص المشفر، فإن هذه الطريقة هي الأفضل في الحفاظ على التنسيق عند فك تشفير الرسالة.
تُستخدم خوارزمية FPE من قِبل الشركات التي تحتاج إلى الاحتفاظ بتنسيق كلمات أو أرقام معينة، مثل أرقام بطاقات الائتمان.
التقنيات المستخدمة في التشفير:
إليكم فيما يلي التقنيات الأكثر استخدامًا في عملية تشفير البيانات:
1. كلمات مرور الكمبيوتر
تساعد هذه التقنية على الحفاظ على أمن الكمبيوتر، إذ يتم تشفير كلمات المرور لمنع المتسلل من قراءتها حتى وإن نجح في الوصول إلى قاعدة بياناتها. وتعتمد هذه التقنية على تجزئة كلمة المرور وتشفيرها قبل تخزينها، فعندما يقوم المستخدم بتسجيل الدخول، يتم تجزئة كلمة المرور الخاصة به ومقارنتها بالتجزئة التي تم تخزينها سابقًا.
2. المصادقة
تعتمد تقنية التشفير للمصادقة على البروتوكولات التي تتحقق من هوية المستخدم ومن أن لديه حقوق الوصول المطلوبة إلى المورد. وتُستخدم هذه التقنية عند الوصول إلى حساب مصرفي أو تسجيل الدخول إلى جهاز كمبيوتر أو استخدام شبكة آمنة.
3. التوقيعات الإلكترونية
يُستخدم التشفير في إنشاء التوقيعات الإلكترونية ويتم التحقق من صحتها عن طريق تشفير المفتاح العام، وتُستخدم تلك التوقيعات كمعادل رقمي للتوقيع المكتوب بخط اليد من أجل التوقيع على الوثائق.
4. العملات الرقمية
وهي العملات التي تستخدم التشفير بغرض حماية المعاملات ومنع الاحتيال، وذلك عن طريق استخدام الخوارزميات المعقدة ومفاتيح التشفير، فيصعب تشكيل المعاملات أو العبث بها.
5. التصفح الآمن للويب
يُستخدم التشفير في حماية المستخدمين من الاختراقات والتجسسات خلال التصفح عبر الإنترنت، وفي هذه التقنية يتم تشفير البيانات المرسلة بين خادم الويب والعميل باستخدام التشفير بالمفتاح العام بواسطة طبقة المقابس الآمنة (SSL) وبروتوكولات أمن طبقة النقل (TLS).
تعلم أمن المعلومات والحوكمة التقنية بشهادات ودورات معتمدة واحترافية:
تتعرض جميع المنظمات لتهديدات سواء كانت داخلية أو خارجية، ولذلك من الضروري إبقاء موظفيها في حالة تأهب مستمرة، من خلال الالتحاق بالدورات التدريبية المُعتمدة التي تقدمها منصة بكه في شهادة تحليل الأمن السيبراني المعتمدة.
وتقدم بكه أيضًا العديد من دورات حوكمة نظم المعلومات ومنها التالي:
وما يزيد من فرص الحصول على وظائف في تكنولوجيا المعلومات والحوكمة التقنية، صقل المهارات في تصميم الويب من خلال الالتحاق بالدورات التدريبية المُعتمدة المُقدمة من منصة بكه في:
وفي الختام، يتعين على كل منظمة ترغب في حماية بياناتها استخدام تقنية تشفير البيانات كجزء أساسي من استراتيجيتها الأمنية، من أجل الحفاظ على سلامة البيانات الحساسة للأعمال التجارية.