تعاني الجامعات في مختلف دول العالم من فجوة بين المعرفة النظرية والدراسة الأكاديمية التي يتلقاها الطلاب خلال دراستهم من جهة وبين المهارات التي يحتاجون إليها لتطبيق هذه المعرفة عمليًا، إذ يحصل الطالب على كم كبير من المعلومات النظرية في تخصصه لكنه يجد نفسه بعد التخرج مفتقدًا للمهارات والمعرفة العملية التي تُمكّنه من دخول سوق العمل والحصول على وظيفة.
وإدراكًا منها بهذه الهوة بين المؤسسات التعليمية وسوق العمل، قررت المملكة العربية السعودية تطبيق سياسات ترفع مستوى أداء الخريجين والطلبة، وتجعلهم مؤهلين لدخول سوق العمل مباشرة أو بعد فترة قصيرة من تخرجهم، من خلال تدشين مجموعة برامج تهدف لتدريب الطلبة وحديثي التخرج ، منها : برنامج تمهير.
تدريب حديثي التخرج
تدريب حديثي التخرج هي الفترة التي يقضيها الخريج في أداء وظيفة ما ضمن مجاله التخصصي، وتتراوح مدتها بين أسبوعين وحتى بضعة أشهر وقد تصل إلى سنة، وتختلف طبيعة المهام الوظيفية التي يُطلب من المتدرب تنفيذها وصور التدريب الذي يحصل عليه، فقد يكون في صورة التظليل الوظيفي أو يطلب منه أداء بعض المهمات أو المشاركة في بعض المشاريع.
كيف يمكنك الحصول على تدريب بعد التخرج؟
للحصول على تدريب بعد التخرج، يُنصح بالتركيز أولًا على تطوير المهارات الشخصية والمهنية، مثل الإبداع، وإدارة الوقت، والتعاون، وهي مهارات لا يتم اكتسابها فقط من التعليم الجامعي، بل من خلال الانخراط في الأنشطة التطوعية، والبرامج الطلابية، والدورات الإلكترونية. كذلك، يجب البحث بذكاء عن فرص التدريب عبر المنصات الوظيفية أو حضور المعارض الوظيفية التي تنظمها الجامعات، إذ تمثل هذه الفعاليات فرصة للتواصل المباشر مع ممثلي الشركات وفهم طبيعة العمل وثقافة المؤسسة.
عند العثور على فرصة تدريب مناسبة، يبدأ المتقدم بتحضير ملف التقديم بشكل متكامل، يشمل سيرة ذاتية تُبرز التجارب التطوعية أو المشروعات، وملف أعمال احترافي إن لزم الأمر، ورسالة تغطية مخصصة لكل جهة. أما أثناء المقابلة، فعلى المتقدم أن يبرز ثقته بنفسه ويستعد جيدًا للأسئلة المتوقعة، مع التركيز على ما يمكنه تقديمه للشركة وليس فقط ما يأمل في اكتسابه. وأخيرًا، لا ينسى إرسال رسالة شكر بعد المقابلة، تعكس اهتمامه وتقديره للفرصة.
إن أفضل طريقة للحصول على على تدريب بعد التخرج من خلال اتباع عدة استراتيجيات، تفصيل ذلك فيما يتلي:
أولًا اكتساب مهارات جديدة:
لا يجب عليك الاكتفاء بشهادتك الجامعية، إذ يجب عليك اكتساب مهارات جديدة من خلال الخبرة والتجارب، ومنها: الابتكار، الإبداع، التعاون، الإقناع وإدارة الوقت.
وحتى تتمكن من اكتساب هذه المهارات يجب عليك أن تتطوع في الأنشطة الخيرية، أو تلتحق بأحد الأنشطة الطلابية، كما يمكنك البحث عن دورات ومحاضرات على الإنترنت وتوسع نطاق معرفتك ومعلوماتك.
إن تجاربنا وخبراتنا هي ما تساعد على تشكيل مستقبلنا ومهاراتنا العملية والمهنية، لذا تأكد من إقتناص كل فرصة تحصل عليها لتتعلم.
ثانيًا العثور على فرص التدريب المناسبة:
هنالك العديد من السبل التي تتيح لك العثور على فرص التدريب العملي المناسبة، ومنها:
- المنصات الوظيفية المختلفة: تضم منصّات ومواقع التوظيف غالبًا فرصًا للتدريب العملي، نظرًا لأنّ الكثير من الشركات التي تقدّم الوظائف، توفّر فرص تدريب عملي أيضًا، خاصة في السعودية تطبيقًا لرؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تمكين القوى العاملة.
- زيارة المعارض الوظيفية: تقيم الجامعات عادة معارضَ وظيفية تضمّ العديد من فرص التدريب العملي، إذ تعدّ هذه المعارض خيارًا رائعًا لك. لأنها تتيح لك أخذ انطباع عن مقدّم الفرصة، وطرح أسئلتك عليه، مثل: ما طبيعة العمل الذي ستقوم به أثناء فترة التدريب؟ ما هي الفرص التي قد يفتحها أمامك هذا التدريب العملي؟ وما هي ثقافة الشركة العامة؟
ثالثًا التقديم لفرص التدريب العملي:
بعد أن تمكنت من العثور على فرصة التدريب العملي المناسبة، تأتي الآن مرحلة التقديم عليها، فإما أن يتمّ قبول طلبك، وتنتقل إلى مرحلة المقابلة الشخصية، وإما أن يتم رفضك ولا تتلقى أي رد.
فالأمر برمّته يعتمد على مدى براعتك في التقديم وقدرتك على إظهار مهاراتك في الطلب.
خطوات التقديم على فرص التدريب العملي
إليك خطوات التقديم على فرص التدريب العملي:
1. جهّز سيرتك الذاتية:
إذا كنت تقدّم على فرصة تدريب عملي فأنت غالبًا لاتمتلك أي خبرة وظيفية، لذا يجب عليك التفكير في خبرات وتجارب أخرى ذات علاقة وكتابتها في السيرة الذاتية، مثل: التجارب التطوعية، والدورات التي التحقت بها، ذكر فرص العمل السابقة مع توضيح المهام والمسؤوليات التي قمت بها.
للمزيد من المعلومات حول كيفية كتابة السيرة الذاتية، اطّلع على هذه المقالات:
السيرة الذاتية وعناصرها: دليل شامل
كتابة السيرة الذاتية باللغة العربية والإنجليزية: الخطوات والعناصر وأهم المواقع والأخطاء الشائعة
2. احتفظ بقائمة للأشخاص المرجعيين:
يريد أصحاب الشركات الكثير التواصل مع أشخاص مرجعيّين لك، يدعمون ويثبتون صحّة المعلومات التي كتبتها في سيرتك الذاتية، لذا عليك التواصل مع أساتذتك في الجامعة، وأرباب عمل سابقين، أو مهنيين تربطك معهم علاقة وثيقة، وتأكد منهم أنّهم لا يمانعون أن يتمّ التواصل معهم من قبل أرباب العمل الجدد.
واحرص على أن أن لديك 3 أشخاص مرجعييّن على الأقل، ولا تقدّم معلومات التواصل لأكثر من 5 مرجعيّين في طلب التقديم، فضلًا عن تقديم بعض الإرشادات للأشخاص المرجعيّين الذين اخترتهم حول أهم سماتك ومهاراتك التي تريد منهم التركيز عليها.
3. جهّز ملف نماذج أعمال مناسب Portfolio:
في بعض التخصصات، قد يلعب ملف نماذج الأعمال أو ما يعرف باسم البورتفوليو دورًا مهمًّا للغاية في حصولك على فرصة تدريب عملي مناسبة، مثل: الكتابة، والفنون والتصميم، والبرمجة، والبحث، والتمثيل أو الرقص.
وعند إعداد البورتفوليو الخاص بك يجب عليك كتابة وصف مختصر لكل عمل تقدمه (اختبار للحصول على وظيفة، ومشروع تخرج)، بجانب أنه إذا كنت تملك أكثر من عمل يجب عليك اختيار من 3 إلى 5 أعمال فقط، فضلًا عن الاستعانة بمواقع، مثل: Portfolio Gen، و eFolio، و Coroloft.
4. جهّز رسائل التغطية:
رسالة التغطية هي فرصتك لإثارة إعجاب رئيسك المحتمل، إذ يمكنك فيها مناقشة اهتماماتك ومهاراتك، وتوضح لمدير التوظيف السبب الذي يجعل منك المرشّح الأفضل لفرصة التدريب هذه وأهميتها لك على المدى البعيد.
لذا عند كتابة رسالة التغطية الخاصة بك عليك اتباع التالي:
- تجنب تكرار ما كتبته في السيرة الذاتية، وبدلًا من ذلك، وضّح بتفصيل أكبر كيف يمكن لخبرتك أن تساعدك على النجاح في فرصة التدريب العملي هذه.
- اكتب رسالة تغطية جديدة لكل فرصة تدريب تتقدّم إليها، فرؤساء العمل قادرون على اكتشاف ما إذا كنت تستخدم نفس الرسالة لجميع الفرص أم لا.
- حاول أن توجّه رسالتك إلى شخص معيّن في الشركة أو المؤسسة التي تقدّم إليها، وإن لم تستطع ذلك، فقم بتوجيهها إلى مدير التوظيف، من خلال كتابة الجمل الافتتاحية، مثل: Dear hiring manager.
اقرأ أيضًا احتياجات سوق العمل السعودي مع دراسة تقييم متخصصة
رابعًا النجاح في المقابلة الشخصية:
المقابلة الشخصية هي المواجهة الحاسمة التي ستحدّد ما إذا كنت ستحصل على فرصة التدريب العملي أم لا، إليك مجموعة من النصائح لاجتياز المقابلة الشخصية:
1. اختر ملابسك بعناية:
يجب عليك الظهور بمظهر مهني أنيق ونظيف، لذا فكّر في طبيعة الملابس التي يرتديها الموظفون في الشركة التي ستجري المقابلة فيها وحاول تقليده، إذ أن بعض الشركات تركّز على الزيّ الرسمي، مثل: بدلة مع ربطة عنق، في حين أنّ شركات أخرى تترك الحرية لموظفيها لارتداء ثياب أقل رسمية.
2. الثقة بالنفس والثبات:
الثقة بالنفس والثبات من أهم الصفات التي يبحث عنها أرباب العمل في المتقدّمين لفرص التدريب العملي، لذا احرص على إظهار هذه السمات خلال المقابلة الشخصية، من خلال الاعتداء في جلستك، والحفاظ على التواصل البصري، والتحدّث بصوت واضح.
وإن كنت تشعر بأنك ستتوتّر خلال المقابلة، حاول التدرّب على التحدث أمام الآخرين، من خلال الوقوف أمام المرآة، والتحدث كما لو أنّك في المقابلة.
3. تدرب على إجابة الأسئلة المحتملة:
فكّر في الأسئلة المحتملة التي قد تُطرح عليك خلال المقابلة الشخصية، وحاول التحضير لإجاباتها، ستكون أقل توترًا حتمًا إن كنت قد فكّرت في الإجابات وأعددت لها مسبقًا.
فيما يلي 5 من أكثر الأسئلة شيوعًا، التي تُطرح على المتقدّمين لفرص التدريب العملي:
- ما الذي ترغب في اكتسابه من فرصة التدريب هذه؟
هناك الكثير مما يمكنك أن تكسبه خلال التحاقك بتدريب عملي قد تكون مهارات جديدة أو أمور جديدة في المهنة أو تكوين علاقات أو الحصول على على التوجيه والإرشاد من الخبراء.
- كيف تصف أخلاقياتك في العمل؟
هل أنت شخص مُجد في العمل؟ هل تمتلك حسًّا عاليًا بالمسؤولية؟ كيف كان يصف الآخرون عملك في السابق؟
وبالطبع عليك أن تقدّم إجابة إيجابية عن هذا السؤال، لذا عليك تذكّر الجوانب الجيدة والإيجابية في شخصيتك وطريقتك لأداء الأعمال، واذكرها خلال المقابلة الشخصية.
- لماذا اخترت هذا التخصص؟
يجب أن تعكس إجابة هذا السؤال شغفك واهتمامك بالتخصص الذي تدرسه، إذ يمكنك التحدّث عن الجوانب التي تستمتع بها خلال دراستك في هذا المجال، والسبب الذي يجعلك ترى نفسك عاملًا فيه في المستقبل.
- ما هي هواياتك؟
عليك التفكير في هوايات ذات صلة بمجال دراستك، مثل: إذا كنت تقدّم لفرصة تدريب عملي في مجال العلاقات العامة أو التسويق، يمكنك القول أنّ هواياتك هي استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
- ما الذي يقوله أصدقاؤك المقرّبون، أو والديك عنك؟
في العديد من الأحيان تساعدك ملاحظات الآخرين عنك في العثور على الدرب الوظيفي المناسب لك، مثل: عندما يقول لك أصدقاؤك أنك تمتلك قدرات كتابية مميزة.
- ركّز ما ستقدمه للمؤسسة التي ستتدرب فيها:
من الأخطاء الشائعة التي يرتكبها المتقدّمون لفرص التدريب العملي هي المبالغة في وصف الأثر الإيجابي لهذه التجربة عليهم، إذ يجب عليهم توضيح ما سيقدمونه للمؤسسة حال تلقيهم هذه الفرصة، مثل قول: أعتقد أنّ شغفي الكبير لتطوير مهاراتي في مجال المبيعات، سيسهم بلا شك في تحقيق أهداف شركتكم.
- اطرح أسئلتك الخاصة:
تنتهي معظم المقابلات الشخصية بسؤال مدير التوظيف: "هل لديك أيّة استفسارات؟، حتى وإن لم تكن تملك أيّ أسئلة، فإن محاولة طرح بعض الاستفسارات سيظهر مدى اهتمامك ورغبتك في معرفة المزيد، مثل: "كم من الوقت ستستغرقون لاتخاذ قرار بشأن المتقدمين لهذه الفرصة؟، أو يكون اليوم الاعتيادي للعمل في المكتب؟".
- ارسل رسالة شكر بعد انتهاء المقابلة الشخصية:
غالبًا ما يقوم المتقدّمون لفرص التدريب العملي بإرسال رسالة شكر بعد انتهاء المقابلة الشخصية، بهدف شكر مدير التوظيف على وقته، وتأكيد حماسهم وتشوّقهم للحصول على الفرصة.
احرص على الانتظار ليومين أو ثلاثة قبل إرسال رسالة الشكر.
اقرأ أيضًا أهم الدبلومات المطلوبة في سوق العمل
بكة الشريك المثالي لتطوير مستقبلك
إذا كنت حديث التخرج تريد اكتساب مهارات جديدة تؤهلك للدخول إلى سوق العمل أو الحصول على فرص تدريب في كبرى الشركات عليك التعاون مع منصة بكة، إذ توفّر المنصة محتوى متميز ودورات تفاعلية وبرامج مخصصة من قبل خبراء، بجانب أنها توفّر بيئة تعليمية مرنة تتيح لك التعلم من أي مكان وفي أي وقت، ما يمكّنك من التفرغ لتعزيز مهاراتك دون التأثير على جدولك الزمني، لذا لا تضيع الفرصة لتكون جزءًا من تجربة تعلم مثيرة ومفيدة.
وتقدم منصة بكة العديد من الدورات التدريبية في مختلف التخصصات، تشمل:
- دورات إدارة مشاريع
- دورات إدارة الموارد البشرية
- دورات تحليل الأعمال
- دورات حوكمة نظم المعلومات
- دورات سلاسل الإمداد
- دورات إدارة الجودة
- دورة أجايل لإدارة الأعمال
- دورة CCMP لإدارة التغيير
خاتمة
لحديثي التخرج يجب عليكم إدراك أن التدريب هو أول فرصة للتعرف على أحد مجالات العمل، والدور الوظيفي وبيئة العمل في الشركات.
نعلم أن البحث قد يكون مرهقًا وشاقًا، فالأمر ليس سهل وقد يحتاج لعدة أشهر لتتمكن من الحصول على أول مقابلة عمل، لكن كلما أسرعت في البدء في عملية البحث والتجهيز كلما كان أفضل.
وهناك بعض العوامل والاستراتيجيات التي ستساعدك في عملية البحث والعثور على فرص تدريب جيدة في الشركات قد تفتح لك المجال مستقبلًا للعمل في هذه المؤسسات، لذا نصيحتنا الأخيرة هي عدم اليأس أو الشعور بالإحباط خلال رحلة البحث عن تدريب بعد التخرج.