المخاطر التشغيلية هي التهديدات التي قد تقلب موازين المؤسسات، مثل الأخطاء البشرية، مشاكل النظام، وأزمات خارجية. هذه المخاطر قد تؤدي إلى فشل العمليات إذا لم تُدار بحذر. لإدارتها بفعالية، يجب تحديدها بدقة، تقييم تأثيرها، واتخاذ خطوات لتخفيفها، مثل تحديث الأنظمة وتدريب الموظفين. مثلاً، الهجمات الإلكترونية لشركة Target أو فضيحة فولكس فاجن توضح مدى أهمية التصدي لهذه المخاطر لضمان استمرارية النجاح.
تعمد المؤسسات الناجحة إلى التعرف على الأنواع المتعددة من المخاطر التي تهدد سلامتها ونمو أعمالها ووجودها في السوق شديد التنافسية، وعلى الرغم من تعدد تلك الأنواع؛ إلا أن المخاطر التشغيلية تُعد هي أهم أنواع المخاطر نظرًا لعواقبها الوخيمة وأبرزها فشل العمليات التجارية بالكامل، الأمر الذي يفرض على المؤسسات ضرورة إدارة تلك المخاطر من أجل تقليل تكرارها وتأثيرها بما يضمن تنفيذ العمليات اليومية بنجاح، وفي هذا المقال نوضح تعريف المخاطر التشغيلية وأنواعها وآثارها السلبية وكيفية الوقاية منها وأمثلة عليها، وخطوات تحديد وإدارة المخاطر التشغيلية.
المخاطر التشغيلية:
يشير مصطلح المخاطر التشغيلية إلى مخاطر الخسائر التي تتعرض لها المنظمات نتيجة فشل العمليات الداخلية أو الأخطاء البشرية أو اتباع السياسات السيئة أو وقوع الأحداث الخارجية التي تؤثر بالسلب على استمرار العمليات التجارية.
وتُعتبر مخاطر التشغيل هي في الأساس مخاطر بشرية، ولذلك فهي أكثر ارتباطًا بالقرارات المُتخذة في المنظمة، وأقل بما يتم إنتاجه، ولذلك تقل نسبة تلك المخاطر في المنظمات التي تقل لديها التفاعلات البشرية.
ويختلف شكل المخاطر التشغيلية باختلاف الصناعة التي تعمل بها المنظمة، وعلى سبيل المثال، فإن المخاطر التشغيلية للمنظمة التي تعمل في مجال النقل، تختلف عن مخاطر المنظمات التي تعمل في الصناعات التحويلية، ولكن في جميع الأحوال لا بد من التعامل مع أي مخاطر تشغيلية داخل المنظمة حتى وإن كان التهديد الفعلي خارجيًا، حتى لا تتفاقم وتتحول إلى مخاطر أكبر تؤدي إلى فشل المنظمة تنظيميًا بما يضر بسمعتها.
أنواع المخاطر التشغيلية:
تتعدد أنواع المخاطر التشغيلية لتنقسم إلى ما يلي:
1- الأخطاء البشرية
وهو النوع الأكثر خطورة وشيوعًا في المنظمات، إذ تنتج الأخطاء البشرية عن وجود نقص في الموظفين خلال مواسم الذروة أو عدم امتلاك الموظفين الحاليين المواهب والكفاءات المطلوبة أو عدم إخضاع الموظفين للتدريب اللازم قبل البدء في العمل، وهو ما يؤدي إلى ارتكاب أخطاء مثل إدخال بيانات خاطئة أو التسبب في مشكلات قانونية نتيجة الغش أو الاحتيال أو السرقة، أو سوء اتخاذ القرارات أو عدم الالتزام بسياسة المنظمة، وهو ما يؤدي إلى تكبد المنظمة خسائر مادية فادحة.
ويمكن تفادي خطر الأخطاء البشرية عن طريق القيام بالآتي:
- اختيار المرشحين المناسبين للوظائف المتاحة.
- إخضاع الموظفين للتدريب قبل البدء في تولي مهامهم الوظيفية.
- التواصل المنتظم مع الموظفين ومتابعتهم للتأكد من تنفيذ المهام بطريقة صحيحة.
2- مخاطر النظام
وهي تشير إلى الخلل الذي يحدث في الأنظمة والبرامج التي تعتمد عليها المنظمة في تشغيل أعمالها اليومية، وقد يأتي هذا الخلل في صورة: تعطل النظام، تعرض النظام للهجوم، سرقة البيانات، ضعف الأجهزة المُستخدمة، الاعتماد على برامج حوسبة قديمة، وهو ما يؤدي إلى عواقب مثل وقف العمليات وتكبد خسائر مالية فادحة وسرقة البيانات وفقدان العملاء والإضرار بسمعة المنظمة ومكانتها في السوق.
ولحماية المنظمة من مخاطر النظام، لا بد من القيام بما يلي:
- المداومة على تحديث الأنظمة التي تستخدمها المنظمة.
- توفير الحماية للأنظمة بتطبيق ممارسات الأمن السيبراني.
- تدريب الموظفين على الحفاظ على أمن الأجهزة والبيانات عند الاستخدام.
3- مخاطر العمليات
تنفذ جميع المنظمات باختلاف صناعتها أعمالها من خلال القيام بمجموعة من العمليات التي يجب تطبيقها بنفس التسلسل والتكرار للحصول على أفضل النتائج، وبالتالي تنتج مخاطر العمليات عن فقدان المعلومات من المصدر بسبب تأخر البيانات أو نتيجة ارتفاع معدل الدوران الوظيفي بالمنظمة ومن ثم التوقف عن العمل أو عدم قيام المنظمة ببناء أو توثيق عملياتها بالكامل أو فشل الضوابط الداخلية، وهو ما يؤدي إلى اختلاف الإنتاج الفعلي عن المتوقع وتكبد المنظمة خسائر مالية وتعرضها لمشكلات قانونية.
ولتجنب مخاطر العمليات، لا بد من القيام بالآتي:
- إخضاع العمليات للفحص الدوري المنتظم.
- العمل على تحسين العمليات.
- تدريب الموظفين على تنفيذ العمليات على النحو الأمثل.
- الاعتماد على نظام قوي لاستكشاف الأخطاء وإصلاحها.
4- المخاطر الخارجية
وهي المخاطر التي تنشأ عن وقوع أحداث خارج سيطرة المنظمة، مثل الكوارث الطبيعية وتغيرات الطقس والأزمات الاقتصادية والمشكلات السياسية، وجميعها أحداث تؤثر على كيفية عمل المنظمة وأرباحها.
وعلى الرغم من عدم قدرة المنظمات على منع المخاطر الخارجية؛ إلا أنها يمكن أن تستعد لها بوضع خطط قوية لإدارتها، مع وضع خطط الطوارئ لاتخاذ ما يلزم في حال وقوعها.
أمثلة على المخاطر التشغيلية:
إليكم فيما يلي أمثلة على حوادث واقعية نتيجة المخاطر التشغيلية:
مثال 1
في عام 2013، تعرضت الشركة الأمريكية Target للهجوم على أنظمتها، والذي نتج عنه سرقة بيانات ملايين العملاء وبيانات ملايين البطاقات الائتمانية، وهو ما أدى إلى تكبد الشركة خسائر فادحة، فضلًا عن فقدان العملاء نتيجة تضرر سمعتها.
مثال 2
في عام 1995، تعرض بنك بارينجز البريطاني للإفلاس بعد قيام أحد المتداولين بعملية تداول دون الحصول على ترخيص، ونظرًا لضعف الرقابة الداخلية؛ لم يُكتشف هذا الخطأ إلا في وقت متأخر، حتى زادت الخسائر المالية عن مليار دولار.
مثال 3
تعرضت شركة فولكس فاجن لأكبر فضيحة في تاريخها عام 2015، عندما أنتجت مجموعة من سيارات الديزل ثم تلاعبت في اختبارات انبعاثاتها حتى تقل نسبة التلوث التي تسببها عن النسبة الحقيقية، وقد نتج عن ذلك توقيع غرامات مالية قُدرت بعشرات المليارات من الدولارات، فضلًا عن الضرر الذي أُلحق بسمعتها.
خطوات تحديد وإدارة المخاطر التشغيلية:
تنطوي عملية تحليل المخاطر التشغيلية أو حوكمة المخاطر التشغيلية على القيام بعدة خطوات، نوضحها فيما يلي:
1- تحديد المخاطر
تُعد عملية تحديد المخاطر أولى عناصر حوكمة المخاطر التشغيلية، إذ يتعين على المنظمات في بداية هذه العملية تحديد المخاطر التشغيلية حتى يتسنى لها السيطرة عليها، وذلك عن طريق فهم أهداف المنظمة ومعرفة معوقات تحقيقها بالقيام بالآتي:
- تحديد نقاط الضعف المحتملة عن طريق إجراء مراجعة دقيقة للعمليات الداخلية بما في ذلك تكنولوجيا المعلومات والموارد البشرية والإنتاج وخدمة العملاء.
- مراجعة سجل الخسائر السابقة التي تعرضت لها المنظمة لمعرفة المجالات التي قد تشكل خطورة.
- عقد مقابلات مع الموظفين لمعرفة آرائهم حول الحوادث السابقة والمخاطر المحتملة ومجالات التحسين.
- دراسة الأحداث الخارجية والتغيرات في المشهد التنظيمي والتي قد تتأثر بها عمليات المنظمة.
2- تقييم المخاطر
في هذه الخطوة، يتم تقييم المخاطر التشغيلية وفقًا لاحتمالات وقوعها ومستوى تأثيرها، حتى يتم إعطاء الأولوية للمخاطر الأكثر احتمالًا وتأثيرًا، مع وضع سجل المخاطر والمكون من الخطة التي تساعد على التخفيف من حدة تلك المخاطر.
ويُعد تحديد أولويات المخاطر أمرًا بالغ الأهمية، نظرًا لعدم قدرة أي منظمة على التصدي لجميع المخاطر المُحددة، وهو ما يساعد على ادارة المخاطر التشغيلية بنجاح.
3- تقليل المخاطر
بعد تقييم المخاطر تأتي خطوة التخفيف منها والتحكم فيها، وذلك عن طريق القيام بأي من الاستراتيجيات التالية:
- النقل: تنطوي هذه الاستراتيجية على نقل المخاطر إلى منظمة أخرى، سواء بالاستعانة بمصادر خارجية أو عن طريق التأمين ضد المخاطر حتى تتحمل شركة التأمين آثارها المالية.
- التجنب: في هذه الاستراتيجية تتجنب المنظمة الدخول في بيئة مليئة بالمخاطر.
- القبول: وفيها تقبل المنظمة المخاطر وتختار المضي قدمًا في البيئة المحفوفة بالمخاطر، وذلك بعد مقارنة تلك المخاطر بتكاليف التحكم فيها.
- التخفيف: تختار المنظمة اتخاذ الإجراءات وتنفيذ الخطط التي تساعد على التقليل من احتمالات وقوع الخطر أو التقليل من آثاره السلبية في حال وقوعه.
4- مراقبة المخاطر
يتعين على المنظمة مراقبة الضوابط التي اتخذتها بشأن المخاطر التشغيلية نظرًا لاحتمالية ارتكاب أخطاء في التنفيذ، أو إمكانية تغير البيئة، وتتم عملية المراقبة عن طريق اختبار التحكم لمعرفة مدى فعالية التنفيذ.
وعلى سبيل المثال، تلجأ بعض المنظمات التي تعمل في مجال الخدمات المالية إلى استخدام مؤشرات المخاطر الرئيسية كنظام مستمر للرصد والتي تعطي المنظمة إنذارات مبكرة في حال التعرض لمخاطر في مختلف مجالاتها.
سواء كنت مبتدئًا في إدارة المخاطر أو قطعت شوطًا في هذا المجال؛ يمكنك تطوير مهاراتك وتنمية معارفك فيه من خلال الدورات التدريبية المُعتمدة التي تقدمها بكه للتعليم.
تعلم إدارة المخاطر واحصل على شهادة معتمدة فيها:
يمكنك الاعتماد على بكه للتعليم في الالتحاق بدورات تدريبية في إدارة المخاطر، تؤهلك للالتحاق بالاختبار والحصول على شهادة مهنية مُعتمدة في هذا المجال، بما يساعد على إعطائك الأفضلية عند التقدم لمختلف الوظائف، حيث تقدم منصة بكه، العديد من الدورات التدريبية المُعتمدة في مجال إدارة المشاريع، ومنها دورات في إدارة المخاطر.
انضم إلينا في دورة MoR® التأسيسية واكتسب المعرفة الشاملة والمهارات اللازمة لتحديد وتقييم ومراقبة المخاطر بفاعلية، وتطبيق إطار عمل MoR لتحقيق أهدافك الاستراتيجية.
تطمح إلى أن تكون "صانع القرار" الذي يقود المشاريع نحو بر الأمان؟
سجل الآن في دورة إدارة المخاطر الاحترافية PMI-RMP® وتعلم كيف تتقن فن إدارة المخاطر في المشاريع، وتتجنب العقبات، وتحقق النجاح المنشود.
لكن يبقى السؤال، لماذا أختار بكه؟
في بكه، نؤمن بأن طريقك للنجاح يبدأ باختيار الشريك التعليمي المناسب. نحن لسنا مجرد مؤسسة تدريبية، بل نحن حاضنة لمهاراتك وطموحاتك بسجل حافل من الإنجازات والنجاحات.
انضم إلى عائلة بكه
كن جزءًا من مجتمعنا المتنامي من المتعلمين الطموحين والمحترفين في مجال إدارة المشاريع.
استثمر في مستقبلك المهني معنا، واختر من باقة دورات إدارة المشاريع ما يناسبك احتياجاتك وأهدافك.
اقرأ بروشور خاص وشامل عن تعلم إدارة المخاطر الاحترافية.
الخاتمة:
المخاطر التشغيلية تُعتبر من أخطر التهديدات التي تواجه المؤسسات، حيث يمكن أن تؤدي إلى فشل العمليات التجارية إذا لم تُدار بشكل جيد. تشمل هذه المخاطر الأخطاء البشرية، مخاطر النظام، المخاطر العملية، والمخاطر الخارجية، وكل منها يتطلب استراتيجيات محددة للتعامل معها بفعالية. الأخطاء البشرية تنشأ من قلة التدريب أو سوء اختيار الموظفين، بينما مخاطر النظام تتعلق بالثغرات التقنية وتعرض البيانات للسرقة.
لتقليل تأثير المخاطر التشغيلية، يجب على المؤسسات تحديدها بدقة، تقييم احتمالات حدوثها وأثرها، ثم اتخاذ إجراءات للتخفيف منها مثل نقل المخاطر أو تقليلها. المراقبة المستمرة والتحديث الدوري للأنظمة تساعد في الحفاظ على فعالية الاستراتيجيات المتبعة. من الأمثلة الواقعية على هذه المخاطر، الهجمات الإلكترونية التي تعرضت لها شركة Target عام 2013، وفضيحة فولكس فاجن في 2015.
وفي الختام، فقد بات تحديد وإدارة المخاطر التشغيلية بطريقة فعالة من الركائز التي تعتمد عليها المنظمات في تحسين عملياتها وزيادة إنتاجها وبناء سمعة جيدة في السوق التنافسي.