تقييم المخاطر هو عملية استراتيجية تُحسن من استعداد المؤسسات لمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية. تبدأ بتحديد المخاطر المحتملة، مثل التهديدات التكنولوجية أو الكيميائية، ثم تقييم مدى تأثيرها واحتمال وقوعها. يتم التعامل مع هذه المخاطر بتدابير مناسبة مثل تقليلها أو نقلها، وتسجيل النتائج في نماذج دقيقة لضمان متابعة فعالة. تعد هذه العملية أساسية لحماية المؤسسات من الخسائر وتعزيز قدرتها على الاستمرار في مواجهة التحديات.
هناك العديد من العوامل الداخلية والخارجية التي قد تؤثر على نجاح المؤسسات واستمرار عملياتها دون توقف وتهدد استقرارها المالي، وتُسمى تلك العوامل باسم المخاطر التي تُعرف بآثارها السلبية طويلة وقصيرة المدى والتي تكبد المؤسسات خسائر فادحة تجعلها عُرضة للإفلاس وفقدان عملائها وخسارة سمعتها، وتعمد المؤسسات في السيطرة على تلك المخاطر إلى تنفيذ عملية إدارة المخاطر والتي تتكون من مجموعة من المراحل الأساسية ومنها مرحلة تقييم المخاطر، وفي سطور هذا المقال نوضح تعريف تقييم المخاطر وخطوات تنفيذها ونموذج لها وأمثلة عليها.
تعريف تقييم المخاطر:
يشير تقييم المخاطر risk assessment إلى العملية المنهجية التي تنفذها المؤسسة من أجل تحديد وتحليل وتقييم جميع عوامل الخطر المرتبطة بها وبعملياتها، ومن ثم تنفيذ التدابير التي تساعد على السيطرة على تلك المخاطر سواء بمنع حدوثها أو تقليل تأثيرها إلى أدنى حد.
وفي عملية تقييم المخاطر، يتم تحديد الحالات أو المجالات التي قد تتسبب في الإضرار بالمؤسسة، وتحديد مدى احتمال حدوث كل خطر ومدى شدة تأثيره السلبي، ثم يتم إعطاء الأولوية للمخاطر الأكثر إلحاحًا بناءً على عاملي احتمالية الحدوث والتأثير.
ولأن عملية تقييم المخاطر جزءًا من العملية الشاملة لإدارة المخاطر؛ فلا بد من القيام بها قبل تنفيذ أية أنشطة أو إدخال أية عمليات جديدة أو تغيير العمليات القائمة، وكذلك عندما تحدد المؤسسة خطرًا جديدًا يجب تقييمه.
والتنفيذ الفعال لعملية تقييم المخاطر يُعد دليلًا على استعداد المؤسسة للتعامل مع أي خطر والحد من تأثيره، وقدرتها على اتخاذ الاحتياطات بشأنه.
كيفية تقييم المخاطر في بيئة العمل:
يتم تنفيذ عملية تقييم المخاطر في بيئة العمل من خلال القيام بعدة خطوات أساسية، نبرزها فيما يلي:
1- تحديد المخاطر
أولى خطوات تقييم المخاطر في بيئة العمل هي تحديد المخاطر التي تهدد سلامة الموظفين، وهي المخاطر التكنولوجية والكيميائية والطبيعية والمريحة والفيزيائية والبيولوجية، وذلك عن طريق مسح مكان العمل والتجول فيه والنظر في الأنشطة أو المهام أو العمليات أو المواد المستخدمة من أجل التعرف على العوامل التي تسبب ضررًا للموظفين.
وتنطوي هذه الخطوة أيضًا على مراجعة حوادث العمل السابقة والتي تكشف عن المخاطر الأقل وضوحًا، وفحص التعليمات والمعلومات والإرشادات الخاصة بالمصنعين، مع مقابلة الموظفين واستطلاع آرائهم حول المخاطر التي يواجهونها في العمل.
2- تحديد المتضررين من المخاطر
في هذه الخطوة، يجب تحديد الأشخاص المتضررين من المخاطر المُحددة، من الموظفين العاملين بدوام كلي والعاملين بدوام جزئي والذين يعملون في نوبات ليلية والعاملين الوحيدين، وكذلك الزوار والعملاء وجميع المترددين على مكان العمل.
كما تشمل هذه الخطوة تحديد الطريقة التي يمكن أن يتأثر بها المتضررين من المخاطر، سواء عن طريق الاتصال المباشر أو الاتصال غير المباشر.
3- تقييم المخاطر
وهي أهم خطوة في دورة تقييم المخاطر، إذ يتم الاعتماد على احتمال وجود خطر ما وشدة عواقبه المحتملة في تقييم كل خطر ومعرفة مستواه سواء كان مرتفعًا أو منخفضًا، كما يتأثر هذا التقييم بعوامل أخرى وهي: مدة التعرض للخطر، عدد الأشخاص المتضررين، كفاءة الأشخاص المعرضين للخطر، نوع المعدات وحالتها، ومدى توفر الإسعافات الأولية في حالات الطوارئ.
وعند القيام بتقييم المخاطر، يمكن تحديد المخاطر التي يجب إعطائها الأولوية في المعالجة، ووضع ضوابط مناسبة وفعالة لتقليل هذا المستوى من المخاطر إلى مستوى مقبول.
4- تنفيذ تدابير إدارة المخاطر
بعد تقييم المخاطر وتحديد الأكثر إلحاحًا منها، يجب تنفيذ تدابير التحكم التي تساعد على التخفيف من المخاطر، إذ يتم التعامل مع المخاطر بواحدة من الاستراتيجيات التالية:
- تجنب المخاطر: وذلك عن طريق إزالة الخطر أو إزالة الشيء المتسبب في حدوثه.
- تقليل الخطر: إذ يتم اتخاذ الإجراءات التي تقلل من فرص حدوث الخطر أو تقلل من تأثيره في حال حدوثه.
- نقل الخطر: وذلك عن طريق الاستعانة بطرف ثالث لتحمل تبعات الخطر.
- قبول الخطر: يتم قبول الخطر مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة.
وتتضمن التدابير المطلوبة لإدارة المخاطر، تدريب العمال على العمل بطرق تقلل من فرص تعرضهم للمخاطر وتوجيههم حول كيفية التعامل مع أي خطر في حال حدوثه، إلى جانب تزويدهم بمعدات الحماية الشخصية ومنها القفازات والنظارات الواقية والقبعات الصلبة لتقليل مستوى الضرر الذي يمكن أن يسببه الخطر.
5- تسجيل النتائج
بعد ذلك، يجب توثيق النتائج التي تم التوصل إليها إلكترونيًا أو كتابيًا في نموذج مخصص لذلك وهو نموذج تقييم المخاطر والذي يشتمل على عناصر أساسية وهي:
- المخاطر المُحددة.
- المتضررين من المخاطر.
- الضوابط الموضوعة لإدارة المخاطر وتقليل مستواها.
- القائم بعملية تقييم المخاطر.
- تاريخ إجراء عملية تقييم المخاطر.
وتُعد هذه الخطوة ضرورية بالنسبة للمؤسسات التي تضم خمسة موظفين أو أكثر، فقد يطلب الموظفين أو العملاء أو غيرهم الإطلاع على نموذج تقييم المخاطر والذي يحتوي على جميع تفاصيل العملية.
6- استعراض تقييم المخاطر
وهي الخطوة الأخيرة في عملية تقييم المخاطر، إذ يتعين على المؤسسات إجراء مراجعات دورية على عملية تقييم المخاطر، لأن بيئة العمل تتغير دائمًا وتتغير معها المخاطر المُحتملة، وعندما تستقبل المؤسسة معدات وعمليات وأشخاص جدد؛ فإن كل منها يجلب معه خطرًا جديدًا، الأمر الذي يحتم ضرورة القيام بتحديث عملية التقييم لضمان مواكبتها المخاطر الجديدة.
كما تفيد هذه الخطوة في معرفة مدى فعالية التدابير التي جرى اتخاذها في تقليل مستوى المخاطر على النحو المنشود، وفي حال عدم فعالية تلك التدابير؛ يجب الاعتماد على تدابير جديدة والعودة إليها في تقييم المخاطر التالي.
أمثلة تقييم المخاطر:
إليكم فيما يلي أمثلة على تنفيذ عملية تقييم المخاطر:
مثال 1
تنفذ إحدى الشركات مشروع مبنى عملاق، وعند تقييم المخاطر وجدت أن هناك مخاطر مالية تتمثل في تجاوز المشروع الميزانية المحددة واحتمال حدوثه متوسط ولكن تأثيره عالي، لذلك قررت اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة هذا الخطر وتجنبه عن طريق وضع خطة واقعية للميزانية تساعد على تنفيذ المشروع.
مثال 2
خلال عملية تقييم المخاطر، وجدت المؤسسة أن بعض العاملين لديها يستخدمون في عملهم المواد الكيميائية، وبالتالي حددت خطر احتمالية إصابتهم بحروق جلدية نتيجة استخدام تلك المواد، وكان احتمال الخطر متوسط وذو تأثير عالي، لذلك تم العمل على التخفيف من هذا الخطر عن طريق تزويد العاملين بمعدات الحماية الشخصية اللازمة وهي القفازات التي تقلل من فرص تعرضهم للخطر المُحتمل.
جدول تقييم المخاطر:
عند تنفيذ عملية تقييم المخاطر، يُستخدم جدول أو مصفوفة تقييم المخاطر والتي تصور المخاطر المُحتملة المؤثرة على الأعمال التجارية وتقييمها استنادًا إلى عاملين وهما احتمال حدوث الخطر والتأثير المحتمل للخطر، وبالتالي يتم تصنيف المخاطر بأنها عالية أو معتدلة أو منخفضة وفقًا لاحتمالية حدوثها وشدة تأثيرها.
يمكن إنشاء مصفوفة تقييم المخاطر على شكل مخططات 2 × 2 أو 3 × 3 أو 4 × 4 أو 5 × 5، ويتم اختيار حجمها بناءً على مستوى التفاصيل المطلوبة، مع تمييز المصفوفة بالألوان التي تختلف حسب الشدة، إذ يدل اللون الأحمر على أن المخاطر عالية، ويدل اللون الأصفر على اعتدالها، ويدل اللون الأخضر على انخفاضها.
ولأن تصنيف المخاطر يعتمد على عاملي احتمالية الحدوث وشدة التأثير؛ فيجب تقسيم كل عامل لدرجات، إذ يتم تحديد مستويات تقدير عامل الاحتمال وهي: نادر، غير مرجح، معتدل، محتمل، شبه مؤكد.
أما مستويات عامل التأثير فهي تتمثل في: غير مهم، طفيفة، مهم، رئيسي، شديد، وبالتالي فإن كل مربع يمثل تصنيف الخطر الذي يتم حسابه بناءً على مستويات الاحتمال والتأثير الخاصة به.
نموذج تقييم المخاطر:
إليكم فيما يلي نموذج تقييم المخاطر بصيغة Excel قابل للتعديل، يمكن استخدامه في تحديد المخاطر المُحتملة والمتضررين منها واحتمالات حدوث كل خطر وشدة تأثيره، والتدابير المُتخذة للسيطرة عليها.
تعلم إدارة المخاطر واحصل على شهادة معتمدة فيها:
يمكنك الاعتماد على بكه للتعليم في الالتحاق بدورات تدريبية في إدارة المخاطر، تؤهلك للالتحاق بالاختبار والحصول على شهادة مهنية مُعتمدة في هذا المجال، بما يساعد على إعطائك الأفضلية عند التقدم لمختلف الوظائف، حيث تقدم منصة بكه، العديد من الدورات التدريبية المُعتمدة في مجال إدارة المشاريع، ومنها دورات في إدارة المخاطر.
انضم إلينا في دورة MoR® التأسيسية واكتسب المعرفة الشاملة والمهارات اللازمة لتحديد وتقييم ومراقبة المخاطر بفاعلية، وتطبيق إطار عمل MoR لتحقيق أهدافك الاستراتيجية.
تطمح إلى أن تكون "صانع القرار" الذي يقود المشاريع نحو بر الأمان؟
سجل الآن في دورة إدارة المخاطر الاحترافية PMI-RMP® وتعلم كيف تتقن فن إدارة المخاطر في المشاريع، وتتجنب العقبات، وتحقق النجاح المنشود.
لكن يبقى السؤال، لماذا أختار بكه؟
في بكه، نؤمن بأن طريقك للنجاح يبدأ باختيار الشريك التعليمي المناسب. نحن لسنا مجرد مؤسسة تدريبية، بل نحن حاضنة لمهاراتك وطموحاتك بسجل حافل من الإنجازات والنجاحات.
انضم إلى عائلة بكه
كن جزءًا من مجتمعنا المتنامي من المتعلمين الطموحين والمحترفين في مجال إدارة المشاريع.
استثمر في مستقبلك المهني معنا، واختر من باقة دورات إدارة المشاريع ما يناسبك احتياجاتك وأهدافك.
اقرأ بروشور خاص وشامل عن تعلم إدارة المخاطر الاحترافية.
الخاتمة:
تقييم المخاطر هو عملية منهجية تهدف إلى تحديد وتحليل العوامل التي قد تؤثر سلبًا على المؤسسات. يبدأ بتحديد المخاطر المحتملة، مثل التهديدات التكنولوجية والفيزيائية، ثم تقييم مدى تأثيرها واحتمال حدوثها. تتضمن الخطوات التالية تحديد الأشخاص المتضررين، تقييم المخاطر بناءً على شدتها واحتمالها، وتطبيق تدابير إدارة المخاطر المناسبة مثل تجنب أو تقليل الخطر. بعد ذلك، يتم تسجيل النتائج في نموذج مخصص وتحديث التقييم بانتظام لضمان فعالية التدابير.
تشمل أمثلة تقييم المخاطر مواجهة المخاطر المالية في المشاريع أو التعامل مع مخاطر المواد الكيميائية في مكان العمل. تستخدم المؤسسات جداول تقييم المخاطر لتصنيفها وفقًا للاحتمالية والتأثير، وتدعم نماذج تقييم المخاطر، مثل جداول Excel، في تنظيم وتحليل المعلومات. تعد هذه العملية أساسية لحماية المؤسسات من الخسائر وتعزيز استقرارها المالي والتشغيلي.
وفي الختام، فإن عملية تقييم المخاطر المؤثرة على المؤسسات باتت ضرورة لا غنى عنها، في ظل تعدد العوامل المتسببة في حدوث تلك المخاطر والتي قد تؤدي إلى خسائر لا حصر لها.