المخاطر المنتظمة هي تلك التي تهز النظام المالي برمته، مثل الأزمات الاقتصادية العالمية. تتجلى في شكل انهيارات في الأسواق أو عدوى الأزمات بين القطاعات، مما يجعل التعامل معها معقداً. لمواجهتها بفعالية، يجب على المستثمرين والمؤسسات تحديدها من خلال مراقبة مؤشرات السوق، تقييمها وفقاً لخطورتها، وتنفيذ استراتيجيات للتقليل من آثارها، مثل تنويع الاستثمارات وإعداد خطط طوارئ.
تتعدد المخاطر المالية التي يواجهها المستثمرون والتي تؤثر على جميع الأصول والأوراق المالية وتؤدي إلى تكبد خسائر فادحة، وتُعد المخاطر المنتظمة أو المخاطر النظامية واحدة من أهم تلك المخاطر المؤثرة على الاستثمارات في جميع الصناعات، الأمر الذي يفرض على المستثمرين والمؤسسات ضرورة فهم هذا النوع من المخاطر من أجل تعزيز محافظ الاستثمار وتجنب وقوع أية خسائر وحماية العملاء من ظروف السوق المتغيرة، وفي سطور هذا المقال نوضح ما هي المخاطر المنتظمة وأنواعها وآثارها السلبية وأمثلة عليها، وخطوات تحديد وإدارة المخاطر المنتظمة.
المخاطر المنتظمة:
تُعرف المخاطر النظامية systemic risks بأنها المخاطر الناتجة عن وقوع انهيار على مستوى الشركة والذي يؤدي إلى حدوث انهيارًا مماثلًا في الصناعة أو المؤسسة المالية أو الاقتصاد والنظام المالي بالكامل، وتحدث تلك المخاطر نتيجة انعدام ثقة المستثمرون والمودعون وأسواق رأس المال في المصارف والمقترضين والمستثمرين المستفيدين.
وتظهر المخاطر المنتظمة في الأسواق المالية بعدة صور وهي:
- الترابط: نظرًا لشدة ترابط الأسواق والمؤسسات المالية، فإن أي فشل يصيب أي سوق أو مؤسسة يؤثر بشكل غير مباشر على بقية الأسواق أو المؤسسات.
- العدوى: تؤدي العدوى إلى حدوث فشل واسع النطاق نتيجة انتشار أزمة في جزء من النظام المالي إلى أجزاء أخرى منه.
- التعقيد: في ظل وجود عدد كبير من المنتجات والأسواق المالية المختلفة، تزداد درجة تعقيد النظام المالي، وهو ما يجعل من فهم العواقب المحتملة لفشل أي جزء من النظام أمرًا صعبًا.
- الأنظمة المعقدة: قد يكون من الصعب تحديد المخاطر العامة والتخفيف من آثارها السلبية نتيجة صعوبة الأنظمة المتعلقة بالأسواق المالية والمؤسسات والمنتجات.
ووقوع المخاطر المنتظمة يفرض على خبراء الاقتصاد وواضعي السياسات ضرورة إيجاد الحلول التي تحد من تراكم تلك المخاطر واحتواء الأزمات الاقتصادية فور حدوثها، مع رصد اتجاهات السوق والاستغناء عن عمليات الإنقاذ غير المجدية للمؤسسات المالية، وهو ما يمنع حدوث الأزمات المالية مستقبلًا.
أنواع المخاطر المنتظمة:
تتعدد أنواع المخاطر المنتظمة والآثار السلبية المرتبطة بها، والتي نبرزها لكم فيما يلي:
1- المخاطر المالية
تنتج المخاطر المالية عن وقوع أزمات مالية تتسبب في حدوث انهيار للبنوك الكبرى أو الأسواق المالية، وبالتالي يتأثر النظام المالي بالكامل ويحدث له انهيارًا حادًا.
2- المخاطر الاقتصادية
تنشأ المخاطر الاقتصادية نتيجة وقوع أحداث تضر بالاقتصاد العام ومنها الركود في النشاط الاقتصادي والذي يؤدي إلى انخفاض الإنفاق الاستهلاكي وزيادة معدلات البطالة، والتضخم الذي يشير إلى ارتفاع الأسعار بشكل مستمر تتأثر به القوة الشرائية للعملة بالسلب.
3- مخاطر السوق
تحدث مخاطر السوق بسبب تغيرات أسعار السوق أو المعدلات بصورة سلبية، إذ يتعرض السوق إلى خسائر فادحة نتيجة حدوث تغيرات حادة في أسعار الأسهم والسندات، فضلًا عن تضخم أسعار الأصول والذي ينتج عنه الأزمات المالية المتتالية.
4- المخاطر التشغيلية
تشير المخاطر التشغيلية إلى الفشل الذي تتعرض له الأنظمة المالية والذي يؤدي إلى تعطيل النظام المالي وتكبد خسائر فادحة، مثل تعرض البنوك والبورصات إلى هجمات الأمن السيبراني وسرقة بياناتها، أو الفشل الذي يحدث للبنية التحتية المالية ويؤدي إلى تعطل أنظمة الدفع والتسوية.
5- المخاطر السيادية
تُعد المخاطر السيادية من أكثر المخاطر المنتظمة تأثيرًا في النظام المالي، وهي المخاطر الناتجة عن فشل الدول في سداد ديونها، فضلًا عن الأزمات التي ينتج عنها الانهيار الاقتصادي المؤثر على الاقتصاد العالمي مثل العجز المالي.
6- المخاطر السياسية
تتأثر الأسواق المالية بالمخاطر السياسية الناتجة عن وقوع اضطرابات على المستوى السياسي مثل اندلاع الحروب وقيام الثورات، إضافة إلى التغيرات التي تحدث بشكل مفاجئ على السياسات المالية والتي تؤدي إلى عدم استقرار الأسواق المالية.
أمثلة على المخاطر المنتظمة:
وقعت العديد من الأحداث التي أثرت بالسلب على الأنظمة المالية والاقتصاد العالمي لتكون أبرز أمثلة على المخاطر المنتظمة، ومنها ما يلي:
مثال 1
تُعد الأزمة المالية العالمية التي وقعت عام 2008، هي أبرز مثال على المخاطر المنتظمة وتأثيراتها السلبية، وقد حدثت عندما تعرض سوق الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية لأزمة أدت إلى حدوث انهيار ضخم في المساكن والرهن العقاري، ومن ثم حدوث أزمة أخرى في السيولة والائتمان التي تأثرت بها جميع الأسواق المالية وأسواق الائتمان.
ومن التأثيرات السلبية لهذه الأزمة، حدوث ركود في الاقتصاد العالمي، حدوث انخفاض حاد في الاستثمارات العالمية والتجارية، تعرض بعض البنوك للإفلاس وأبرزها بنك ليمان براذرز.
مثال 2
في عام 1998، لم تتمكن الحكومة الروسية من سداد ديونها الداخلية نتيجة الانهيار الحاد في أسعار النفط وضعف ثقة المستثمرين في العملة الروسية، وهو ما أدى إلى انهيار الاقتصاد الروسي والذي صاحبه مجموعة من الاضطرابات المالية على مستوى العالم تأثرت بها الأسواق الناشئة.
مثال 3
وقع انهيار اقتصادي عالمي في أعقاب أزمة كورونا التي حدثت عام 2020، ونتج عنها اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاحترازية وفرض القيود على جميع القطاعات من أجل الحد من انتشار الفيروس، وهو ما تسبب في حدوث ركود حاد في النشاط الاقتصادي على مستوى العالم.
كما أجبرت الأزمة الشركات والمؤسسات على تسريح عدد كبير من الموظفين، وهو ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة.
كيفية تحديد وإدارة المخاطر المنتظمة:
من أجل الحد من وقوع المخاطر المنتظمة والسيطرة على تداعياتها السلبية، لا بد من تحديد وإدارة تلك المخاطر، وذلك على النحو التالي:
1- تحديد المخاطر
يتعين على المؤسسات المالية والمستثمرين تحديد المخاطر المنتظمة التي يمكن أن تؤثر على الأسواق المالية والاقتصاد الكلي، وتنطوي هذه الخطوة على مراقبة مؤشرات الأسواق المالية مثل مؤشرات البورصة والتغيرات في الأسعار، إلى جانب مراقبة مؤشرات الاقتصاد الكلي ومنها أسعار الفائدة والتضخم ومعدل البطالة.
2- تقييم المخاطر
بعد تحديد المخاطر المنتظمة، تأتي خطوة تقييمها والتي تحدد مدى تعرض المؤسسات المالية من البنوك وشركات التأمين لتلك المخاطر. ويتم تقييم المخاطر المنتظمة بناءً على احتمالية وقوع كل خطر، وشدة تأثيره على المؤسسات المالية بالاستعانة بنماذج التنبؤ المالي، ومن ثم يتم إعداد قائمة تحتوي على أولويات تلك المخاطر الأكثر احتمالًا والأشد تأثيرًا، وهي خطوة ضرورية للسيطرة عليها.
3- تقليل المخاطر
في هذه الخطوة، يجب وضع الاستراتيجيات التي تساعد على التقليل من احتمالية وقوع المخاطر المنتظمة أو الحد من تداعياتها، ويمكن أن يتم ذلك عن طريق تنويع المخاطر من خلال عدم تركيز المؤسسات المالية جميع أصولها في قطاعات محددة، وكذلك عدم تركيز الاستثمار على منطقة محددة داخل الدولة وتشجيع التنويع الجغرافي.
4- تنفيذ نظم رصد المخاطر
تستعين المؤسسات المالية بالنظم التي تساعدها على رصد المخاطر المنتظمة المحتملة، حتى يتسنى لها اتخاذ إجراءات سريعة قبل وقوعها، فضلًا عن إعداد خطط الطوارئ التي تمكن من مواجهة تلك المخاطر مثل خطط الإنقاذ التي تتضمن برامج الضمان وصناديق الإنقاذ المالي.
5- مراجعة وتحديث خطة إدارة المخاطر
بعد تنفيذ استراتيجيات إدارة المخاطر المنتظمة، لا بد من إجراء مراجعة دورية عليها من أجل إجراء التعديلات اللازمة في حال حدوث أية تغيرات في ظروف السوق.
تعلم إدارة المخاطر واحصل على شهادة معتمدة فيها:
يمكنك الاعتماد على بكه للتعليم في الالتحاق بدورات تدريبية في إدارة المخاطر، تؤهلك للالتحاق بالاختبار والحصول على شهادة مهنية مُعتمدة في هذا المجال، بما يساعد على إعطائك الأفضلية عند التقدم لمختلف الوظائف، حيث تقدم منصة بكه، العديد من الدورات التدريبية المُعتمدة في مجال إدارة المشاريع، ومنها دورات في إدارة المخاطر.
انضم إلينا في دورة MoR® التأسيسية واكتسب المعرفة الشاملة والمهارات اللازمة لتحديد وتقييم ومراقبة المخاطر بفاعلية، وتطبيق إطار عمل MoR لتحقيق أهدافك الاستراتيجية.
تطمح إلى أن تكون "صانع القرار" الذي يقود المشاريع نحو بر الأمان؟
سجل الآن في دورة إدارة المخاطر الاحترافية PMI-RMP® وتعلم كيف تتقن فن إدارة المخاطر في المشاريع، وتتجنب العقبات، وتحقق النجاح المنشود.
لكن يبقى السؤال، لماذا أختار بكه؟
في بكه، نؤمن بأن طريقك للنجاح يبدأ باختيار الشريك التعليمي المناسب. نحن لسنا مجرد مؤسسة تدريبية، بل نحن حاضنة لمهاراتك وطموحاتك بسجل حافل من الإنجازات والنجاحات.
انضم إلى عائلة بكه
كن جزءًا من مجتمعنا المتنامي من المتعلمين الطموحين والمحترفين في مجال إدارة المشاريع.
استثمر في مستقبلك المهني معنا، واختر من باقة دورات إدارة المشاريع ما يناسبك احتياجاتك وأهدافك.
اقرأ بروشور خاص وشامل عن تعلم إدارة المخاطر الاحترافية.
تقدم بكه للتعليم دورات تدريبية في إدارة المخاطر يمكن للمبتدئين في هذا المجال أو المحترفين فيه الالتحاق بها والحصول على شهادة مهنية تساعد على إحراز التقدم المهني.
الخاتمة:
تُعرف المخاطر المنتظمة بأنها تلك التي تؤثر على النظام المالي ككل، مسببةً تأثيرات سلبية واسعة، مثل انهيارات اقتصادية أو أزمات مالية تؤثر على الأسواق العالمية. تشمل هذه المخاطر التداخل بين الأسواق، العدوى من أزمة إلى أخرى، وتعقيد الأنظمة المالية، ما يجعل من الصعب فهم وإدارة المخاطر بشكل فعال. أمثلة بارزة على المخاطر المنتظمة تتضمن الأزمة المالية العالمية 2008، والأزمة الاقتصادية الروسية 1998، وانهيار الاقتصاد العالمي إثر جائحة كورونا 2020.
لتحديد وإدارة المخاطر المنتظمة، يجب على المؤسسات المالية والمستثمرين أولاً تحديد المخاطر المحتملة من خلال مراقبة مؤشرات السوق والاقتصاد. ثم يتم تقييم المخاطر لتحديد مدى تعرضهم واحتمالية تأثيرها، تليها استراتيجيات لتقليل هذه المخاطر مثل تنويع الاستثمارات وإعداد خطط طوارئ فعّالة. كما يتعين مراجعة خطط إدارة المخاطر بشكل دوري لتكييفها مع التغيرات المستجدة في الأسواق.
وفي الختام، فإن الاستعداد الجيد لمواجهة المخاطر المنتظمة، يُعد أفضل وسيلة لتقليل الآثار السلبية الناجمة عن اضطرابات السوق والتي تؤثر على الاقتصاد العالمي.